رحلتي في بلاد العمائم
مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الخامسـة
طارق الاعسم
(كنت في السافاك ضمن طاقم حراسة السفارة الشاهنشاهية في بغداد واعرف انكم في العراق تحبّون الثريد والبصل..انسوا حياتكم السابقة ..والله لولا تعليمات الامام وتوبتنا من الماضي لفعلنا بكم جميعاً..انصراف)
من محاضرة تأديبية للنائب ضابط الايراني حسين نوري ، معسكر الداوودية1982
ياإلهي انه ايراني !!
استغربنا ان يتمكن اسير عراقي ان يشتم العريف بالفارسيّة وان تنتهي المشادّة بينه وبين العريف بهمس بعد ان بدأت بصراخ!!!.
ماأن خرج العريف حتّى نادينا أخينا الاسير مبدين تعاطفنا معه محذّرينه من التمادي خوفآ عليه, وجاءتنا المفاجأة حين التفت الينا والشرر يتطاير من عينيه صارخاً بالعربية بلهجة غريبة قريبة من لهجة اهالي العمارة(جنوب العراق): جلاب ولد الجلاب ولكم اني ايراني مقاتل ادافع عن دولة الاسلام منكم ياكفرة!!!!.
ساد القاعة الصمت من فرط الذهول فقد ظننّا جميعا انه مجنون وان مايخرّف به مردّه الى الم الشضيّة في عينيه, عاد العريف الايراني بصحبته عسكري لايحمل ايّة رتبة وكان واضحآ انه مهم (تبيّن لاحقا انه من الاستخبارات الايرانية المسمّاة دايرة دوفوم) سأله بملامح جامدة فبدأ الاسير يروي قصّته بطريقة اكثر هدوءآ تمكّن فيها (خميس) ان يتلقف مايقولون وخلاصة الامر ان الاسير هو جندي ايراني من اهالي الاهواز العربية**هامش( والتي يتميّز اهلها باصول عربية وسحنات سمراء ولهجة قريبة من لهجة اهالي العمارة العراقيّة بل انهم يرتبطون معهم برابطة عشائريّة وزيجات) في قوات غير نظامية ايرانيّة( جيش شعبي ظهير للقوات العسكرية الايرانية يطلق عليه بالفارسيّة البسيج) ، وحين اصيب في عينه بشضيّة في معركة الطاهري قبل اربعة ايام معنا نقلوه الى المشفى الميداني بالاهواز وكان مغمى عليه حين عالجوه وخلعوا ملابسه (رب كما خلقتني مثلنا) وغطّوه بشرشف ابيض وغدا مثلنا تمامآ فنقلوه بالخطأ الى جملون الاهواز ثم الى طهران قبل نقلنا بيوم ليصل مغمى عليه للمستشفى, ثم ليفاجأ اليوم بمصيبة فقدانه البصر في احدى عينيه ,عداك عن انه نائم وسط اعدائه في مكان واحد!!!.
لم يصدّق ضابط الاستخبارات قصّته وقال له : حسناً ,انك عراقي ولاتتصوّر ان اكاذيبك تلك ستنجّيك لنطلق سراحك ,وقصّة معرفتك باللغة الفارسيّة لاتعني لنا شيئآ فنحن لدينا اسرى عراقيين يتكلمون الفارسية بأفضل من سعدي الشيرازي. !!!
جلبوا جندي استخبارات من اهالي الاهواز وتحدّث معه وبعد ان اكّد للضابط انه اهوازي فعلا , تغيّرت لهجة الضابط واتهمه بتهمة اشنع قائلا له : نعم انت ايراني من الاهواز لكنك كنت تقاتل مع العراقيين الكفّار (كذا!!!) ضمن عصابة جيش
تحرير الاهواز**(منظمة عربية افرادها من الاهوازيين البعثيين مقرّها في العراق وتتولّى تدريبها الاستخبارات العراقية على
اعمال التجسس والتسلل والرصد)، واسرت في الجبهة, واذا كنّا سنرحم الاسرى العراقيين فلن نرحم امثالك من الخونة ونهض تاركا الاسير الاهوازي مذهولا من الورطة التي وقع فيها !!!!. **هامش( نقل الاسير بعدها معنا الى معسكر الداوديّة وكان لاينام في الليل لشدّة رعبه منّا مخافة ان نقتله كعدو ايراني!!!! ، وبعد ثلاثة اشهر صحونا على قوة من الاستخبارات تأخذه من معسكر الدواوديّة مقيّدا .. وقيل بعدها ان حكما بالاعدام قد نفّذ فيه فيما أخبرنا آخرون انهم اعادوه لاهله بعد معاناة لاتحتمل.).
طارق الاعسم
نشرت على موقع سنين الضياع في 1-5-2013
-------------------------------------------------------
يمكنكم مراسلة السيد طارق الاعسم على الايميل ادناه
[email protected]
-------------------------------------------------------
لأرسال التعقيبات والملاحظات أو لقراءتها ، يرجى زيارة صفحة تعقيبات الزوار
To Add a comment, visit our Contact Page for more options
------------------------------------------------------
عودة الى صفحة مذكرات الأســرى