من مذكرات وسـام الحكيم
الذي قضى اكثر من ثمان سنوات أسير حرب في ايران
سنين في سطور ... الحلقـة 5
الابريق ...ـ
كان معي صديق ايام الجامعة (ح م) يحب القراءة ولكن قراءاته مختلفه عن المعتاد انذاك وكان رساما ممتازا وشهد له بذلك استاذنا بمادة الرسم الاختياريه الفنان المعروف راكان دبدوب الذي احتفظ بقسم من لوحات صاحبي واحداهن بورتريت رسمني فيه , ولم تفد محاولتي باخذ اللوحة وتنازلت عنها لاستاذنا..ـ
صديقي هذا كان يضحك من قول "سخرية القدر" ويقول ساخرا
دير بالك من يضحك القدر عليك اضحك وياه والا راح ينصب عليك... ضحكنا حينها...ـ
اجد نفسي مع قاسم في ظرف حرج يصعب علينا ان نسيطر على الضحك .. لا ادري من اين وكيف وهل اننا نشارك القدر ضحكاته .. كي لا يضحك علينا.. مثلا ,لاسامح الله
عندما توقفت بباب القطار لتوقف الرتل امامي التفت لارى طابوراً من الاسرى قد اصطفوا لمصافحة اغا محمد
ربما اعتقدوا انها مراسيم التوديع ... ومنعه خجله من رد ايديهم وانقذه
اخر حين زجرهم " يللا يللا بُدو بُدو"ـ
لم اجد صعوبه في النزول رغم ارتفاع القطار فكان الجند المستقبلين يتلاقفوننا، مع العد طبعا ولا نكاد نرى الارض من كثرة العسكر ومن حولهم الجمهرة الغفيره والمتواجدين في المحطه ولا ادري كم من الحناجر كانت تصرخ بين تعداد وتعليمات وهتافات النصر ... ، واوضحها اسئله بلهجه عراقيه وهي موجهه لكل العابرين الى الباصات
اخويه انت منين؟
اكو احد وياكم من البصرة؟
ورغم تحذيرات الحراس بالاسراع وعدم التحدث مع احد الا اني رفعت راسي لارى وجه اكثر الواقفين سؤالا واعلاهم صوتا واقربهم الى باب الباص وكان طول قامته يسمح له ان يرانا من خلف الجدار البشري الذي صنعه الجند حولنا , شعره اشقر ولحيته القصيرة كذلك, نظيف المظهر يلبس سترة من القديفه الخضراء . وكان يحاور الحرس كلما التفت اليه لنهيه عن التحدث معنا, ولما نظرت
اليه استعجل باسئلته :ـ
انت من بغداد ؟ ..انت من الكاظميه؟ ، والتمسهم بانتظار جوابي ، يبدو لاني التفت اليه
الله يخليك اخويه انت من بغداد ؟
اي ... ـ
من الكاظميه؟
لا من الجادريه
وهنا صرخ مناديا على صاحبه : ولك عمار هذا هنا واحد من الجادريه.. ـ
وكنت اسمعه يتوسل بالحرس لابقائي مدة اطول .. آغا قربان آغا
الا ان مسير الطابور لم يكن لاحد ايقافه ... ـ
جلسنا اثنين لكل مقعد وصعد معنا جنود مسلحين ومعهم رائحة الجبهه. احدهم كان اسمه ابراهيم احمدي مر بقاطرتنا حينها وسال "انكليسي؟" ـ
يعني احد يعرف انكليزي؟
واشار احدهم علي وقال لي :اني شفتك تحجي ويه الجماعه بالشوش تناقشهم " بالانكليزي" ـ
وحدثنا بانكليزيه ضعيفة جدا لاتعدو كلمات ربطناها لتكون اخبارا سارة باننا سنذهب الى مكان جيد وسنكتب ونقرا وحتى نكمل دراستنا لمن يريد, ثم فاجئنا بسؤال :من لديه نقود؟ وهنا فهم احدنا :هوه هذا اللي يبيع جكاير.. ـ
اختفى ابراهيم الى ان صعد معنا الباص.. وكانت اشد التحذيرات بألا نفتح الشبابيك رغم ان الرائحه داخل الباص كانت تذكرني بالسنجاب في افلام الكارتون حين يدخل اي مكان فيتقافز الموجودون من الشبابيك …ـ
كلما امتلا احد الباصات يتحرك قليلا لياتي اخر، الى ان تحركت القافله ببطء تاركة المحطه والناس فيهم من اكتفى بالهتاف من مكانه ومنهم من تراكضوا الى سياراتهم والشوارع التي امتلات "بالمستقبلين" الذين جاءوا بحناجر مشحونه بالكامل .. وقفوا على الارصفه العريضه .. ـ
يمنعهم جدار الحراسات من الاقتراب منا. ـ
الشوارع كبيرة نظيفه والابنيه عاليه , وكل الشوارع التي مررنا بها كانت بساقيتين على الجانبين يجري فيهما ماء صافي اللون ,اكثر البنايات كانت عصرية الطراز ولكن الشعارات والرسومات بالاصباغ والملصقات الكثيرة جدا افقدتها اناقتها ورقيها، و امتدت على السواقي صفوف اشجار القوغ بسيقانها الاسطوانيه المستقيمه , مدينه كبيره متموجة الارض كثيرة الاشجار وعلى جانبها جبل كان الثلج مازال يغطي قمته . ـ
كل هذا من حولي لاول مرة ولكني مشغول بالسائق الذي اشعل سيكارة وشاركه نارها الحرس الذي يقف قرب الباب وزادهم احدنا حين طلب من الحرس اشعال سيكاره فتردد الحرس لكن السائق شجعه،. التفت الى قاسم الذي جلس في المقعد الاخير فرايته ينظر الي ويضحك ، وماهي الا ثوان حتى اشتعلت عيني بحرقة وانهالت منها الدموع وحاولت فتحها على اصوات الهتافات التي تعالت ولاحظت ان السائق ينظر الي بمرآته وتحدث الى الحرس فجاءني الحرس يربت على كتفي يطمأنني بان الحرب ستنتهي وان شاءالله نعود لاهلنا وزادت حرقة عيني سيكارته فحاولت افهامه الا انه ذهب الى صندوق قرب السائق واخرج منه خبزا ووضعه في حجري , فناولت الخبز لمن كان بجانبي وسمعته يحول قسم منه الى المقاعد خلفنا :ـ
هاكم وزعو من يمكم ...ـ
انا حاولت الشرح للحرس مشيرا لعيني :اغا دخان
والحمد لله فهم واشار علي بالذهاب الى آخر الباص، ولم اجد مشكله بمتطوع يغير مكانه الى منتصف حلبة التدخين وجلست في المقاعد الخلفيه العاليه جنب قاسم الذي كان يضحك ليخفف عني , ومع زيادة الدخان اشار الحرس بفتح الاجزاء العليا من الشبابيك … واخيرا شئ من الهواء واحسست براحه …ـ
الحرس الاخر في الباص نظراته لم تكن رحمانيه كما نقول فكان ينزعج حتى ممن يطيل النظر الى البنايات..ـ
ومررنا بمنطقة باص مكتظه بطالبات شابات كان قسم منهن يبتسمن حين تهم احداهن بالهتاف بطريقة شبه المزاح والبعض تلقي التحيه بالخفاء , وكنت استطيع رؤية احدنا القريب من الشباك يطيل النظر الى الفتيات مستغلا بطء القافله ولم يكن صعبا على الحرس الذي يقف جنبنا في مؤخرة الباص ملاحظته فذهب اليه ولطمه بسرعه على مؤخرة راسه :ـ
هيفان يعني حيوان
وارتطم راس المسكين بزجاج النافذة : ليش آغه !؟ .. سأل بتألم.. ـ
وكان شكله مؤلما ، واعتقد ان الحرس احس بان لا موجب لتصرفه المبالغ به ولكن اخذته العزة بالاثم كما نقول.. ـ
مررنا بشوارع كثيرة والحشود تتباين من واحد لاخر.. ولاحظت في احد الاسواق شبها باسواق الكراده داخل فاطلت النظر للمتسوقين والسوق وكانت عدم مبالاة الكثيرين هناك بقافلتنا واضحه , اشو مادايرين بال؟
علق احدنا وقبل ان افكر" الكلوب سواكي"صرخ الحرس على احدهم في الخارج : نا ببا نا
وبسرعه رمى احدهم بشئ ارتطم بالشباك
هاي شنو؟
فد زمال شمر علينا نعال..ـ
نعم اهانه ولكن الموقف كان فيه شئ مضحك .. فخنقنا ضحكنا ، مما حدا بالحرس بمنع التدخين مباشرة واغلاق الفتحات وطلب من الجميع عدم النظر. ـ
وكالعادة يعتقد قسم منا ان النقاش مفتوح او للمنطق مكان هنا
ليش ماتحطون بردات؟
وفهم الحرس كلمة بردة فاستشاط وامر موجها كلامه للسائل بما معناه
بردات ماكو ونظر من الشباك هم ماكو.. زين؟
انا فضلت بعدها عدم النظر الى الرصيف الايمن القريب والذي يكثر عليه المحتشدين في شارع طويل اثرت ان اسميه "شارع النصر المعلب" على قافية قصة لجون شتاينبك شارع السردين المعلب .. ـ
الرصيف الايسر كان شبه خال اغلب الوقت الا من البعض اللامبالين او من اراد ان ينأى عن الحشد او الهتاف… ـ
القافله كانت طويله والوقت كان عصرا ونهاية الدوام كانت واضحة على المرور الذي اصبح بطيئاً. ـ
وفجأة توقفنا، مما يثير التوترفي صفوف البعض نظراً لارتباك الحراس.. ـ
قاسم نبهني الى فتاة شابه كانت متوقفه على الرصيف الايسر لوحدها .. ، رصيف عريض نظيف وخلفها بنايه كبيرة بواجهة زجاجيه كانت تنظر الي او هكذا اتصور؟ .. لا لم اكن اتصور هذه البنت ترتدي سترة زرقاء طويله وبنطلون جينز ازرق وحتى حذاءها الصغير الانيق وحقيبتها كانا ازرقان وغطاء راس لم يستطع اخفاء شعرها الفاحم ووجهها الابيض الصغير, كما هي حين كنت اراها بالزي الموحد (سترة زرقاء وتنورة تغطي الركبه رصاصيه) في الباص من الباب الشرقي وكنا ننزل بنفس المنطقه بعد شارع الوزير.. ، التقت نظراتنا اكثر من مرة حين كنت اسمح لها بالنزول قبلي , كانت انيقه جدا ومازالت لكن ملامحها الهادئه بارحتها الطمأنينه التي كانت تتمتع بها. كنت اسميها ذات الرداء الازرق على اسم فلم فرنسي شاهدته في سينما بابل … ـ
خمنت انها هاجرت الى لندن بعد ان كانت تصيف هناك مع اهلها كل عام … ،سالني قاسم:ـ
هاي البنيه د تباوع عليك .. تعرفها؟
اي , شايفها .. ساكنين يمنا بالجادريه.. ـ
دير بالك الحرس اذا شافك تره نترزل… ، زين هاي اشجابهه هنا .. سفروهم؟
ماأدري… ـ
كانت المسافة بيننا اكثر من زجاج باص ورصيف بل كما هي بين بلدين بحرب داميه، لم نستطع ان نومئ لاحدنا الاخر, واختصر الباص كل هذا وتحرك .. واتكات هي على حقيبتها ومشت الى سبيلها. ـ
وعادت الهتافات الى مسامعي و الارتياح الى الحراس المتيقظين جدا مع حركة الباصات التي بدت اسرع هذه المرة . ويبدو ان خط الرحله اخذ طرقا اخرى فصاحبتنا سيارات جيب يخرج من شبابيكها شباب ببنادق نصف اخمص مكتوب على ابوابها "انكشت ثار الله " ـ
وتحتها " سباه باسداران" ، وشعارهم اليد تقبض على بندقيه, وكانت السيارات تسير بسرعه في الجانب الاخر عكس اتجاه المرور وكنا نسمع اصوات صافرات انذار الشرطه المختلفه.. ـ
وهنا بدات الباصات بالدخول الى بوابة ساحة كبيره بسياج مشبك عالي جدا وبنايات تعلوها اعلام والرصيف المقابل كانت بنايه رايتها في التلفزيون مرارا مبنى "مجلس الشورى الايراني" .. ـ
وبسرعة تم افراغ الباصات ودخلنا الى قاعه مغلقه للالعاب الرياضيه ، ونزل الكثيرون الى الساحه الخشبيه الخاليه وتجمهر آخرون حول المدخل الاعلى للملعب والبقيه القليله وانا منهم توزعنا على المدرجات الكونكريتيه البارده الخاليه ونظرنا من الشبابيك الواطئه المطله على حدائق وبنايات سكنيه بعدة طوابق .. ، كنا نستطيع ان نرى ان الابنيه كانت خالية و ليس فيها احد . جلسنا على شكل دائرة انا وقاسم و بعض من يلبسون بدلة صنف الدروع لا اعلم كيف اجتمعنا.. وكانوا مجموعه من سته اكثرهم نواب ضباط من اللوء 35 المدرع . ـ
كان الوجوم واضحا عليهم وكانوا لايفترقون عن بعضهم اضافة الى ادبهم الواضح ... ـ
كانت القاعة تعج بشباب المهمات الخاصة .. ومعنا قليلون باصابات بسيطه ..، و نستطيع رؤية الدماء المتيبسه على ملابسهم الممزقه. بدات تتشكل مجاميع هنا وهناك .. فيهم من يبكي وحوله من يواسيه , ومنهم َمن يبحثون عن ابناء منطقتهم ومنهم يتساءلون عمن تمكن من الافلات او ربما كان جريحا او .....ـ
ذهبت الى المرافق فوجدت تجمعات من نوع مشبوه في مكان كان نظيفا قبل دخولنا ولاحظت كثرة المياه على الارض والحائط .. وقال احدهم موضحاً :ـ
اكو واحد قبل شويه هنا نزع كل هدومه, ترس الابريج وصبه على روحه,
شلون؟
خويه شوف ابريجهم اشكبره
فعلا كانت اباريق المرافق كبيره جدا ولكن الماء كان باردا بقسوة مع افول الشمس والجو القارس والمرافق الكونكريتيه التي ينيرها مصباح صغير، باردة رطبه تغطي المياه ارضيتها. ـ
في زاويه على جانب المدخل وجدت الجندي ابراهيم احمدي يخرج من عبه علب سيكاير ويستلم نقودا عراقيه ، ومن كان معه انصاف دينار كان رابحا اكثر ممن عنده فئة 25 دينار وهنا بدات المقايضات بانواع العمله والسيكاير. ـ
وسالني احمدي بسرعه : بول داري؟( الباء بثلاث نقاط) يعني عندك فلوس؟
فاجبته : لا ماعندي ..ولم يكترث وبدا عليه الاستعجال .. وحين عدت الى مجموعتنا تناوبوا على استعمال (البسطال) وكان كل من يعود من الحمامات ياتينا بقصه او اشاعه او خبر عسكري!!! ـ
ولاحظت احمدي يغادر مستعجلا والنقود الكثيرة واضحه في جيوبه، ولم يغب طويلا وعاد الى القاعه بعد ان همس باذن الحرسين المسلحين اللذين كانا على الباب الرئيسي , وكانت حافات مجموعة العلب واضحه خلف قميصه ودلف بسرعة الى مركز المقايضه ... ـ
حركة اخرى بدات تسري مع وصول رائحة الاكل الى القاعه... ، لاادري كيف وماهي المصادر ولكن احدنا كان يمر على مجاميع الجالسين ويبلغنا بالتفاصيل: ـ
هاي بناية الكليه العسكريه مالتهم واليوم دزو كل طلاب الكليه للبيت وراح يوزعون علينا غداهم ..، وتره هاي البنايه اللي كبالنا مجلس الشورى يعني احنا بنص طهران
شكرا اخويه , بارك الله بيك
المجموعه المجاوره سمعوا كل المعلومات ومع هذا استوقفوا المُبلّغ لاعادة ماقال لنا والاخرين مع اسئله اخرى :ـ
يعني اليوم وين راح ننام ؟
ماادري والله
شكد راح نظل هنا؟
والله ماادري
راح ينقلونا لمعسكر لو يجيبولنه قريولات نبقه هنا؟..اي حتى نفتهم.. ـ
مع لفته للاخرين طلبا للتاييد
مااعرف..من رخصتكم اخوان ... ويذهب لاعنا الساعه
اخويه تعال..هاي وين رحت؟
دقيقه شفتهمنا اشو كلهه ماادري .. مااعرف .. ـ
لعد شعدك جاي تفتر علينه ..! ـ
هسه انت هم لحّيت باسئلتك وماسالته شنو الغدا
يابه هذا شيعرف , بس يبثون اشاعات..... ـ
دخل علينا مجموعه من العسكر(لديهم واسطه) للتحقق من شكل الغنيمه عن قرب. كان احدهم برتبة ملازم ويبدو عليه انه خريج جديد وكان في يده مكب رللصوت واشار على المسلحين بجمعنا في الساحه ، ووقف هو على مدرج اعلى . وكانت الباب خلفه والحراس على جانبيه متأهبين , وبادر مبتسما و بعربيه بلكنه : السلامُ عليكم. ـ
ورد قسم عليكم السلام .. والبعض باصوات ساخرة مكملين ورحمة الله وبركاته
واستمر مبتسماً ومحركاً نهايات الكلمات بالفصيح :ـ
جيشُ الاسلام يغرأ بكلمات الغرآن , جيش السّدام لايغرأ بكلمات الغرآن
(اللفظ الفارسي للقاف والغين معكوسا)
واكمل يطلب جواباً جماعياً: نعم؟
ورد الكثيرون: لا لا لا
والح هو بمكبره : لايغرأ
اخوان عوفوه لاتلحون وياه
هذا جاي يتعلم عربي براسنه
هذا جايبيه يلهينا ماعدهم اكل
وحاول ان يجمعنا على شئ اخر فقال
رددوا من بعدي: الموت لامريكا.. واعادوا من بعده
الموت للانكليسيا ... وكرروا مع التذمر : لزكت خو ما لزكت
وفكر هو ثم بضحكة: الموت لاسرائيل ... واعادوا كذلك
الموت للشوروي ولم ياته رد لاننا لم نفهم ... ،(الاتحاد السوفييتي) وقتها يسمونه شوروي. فانتبه وعاد مصححا الموت للروسيا واطالها بلحن فرد مستهزؤون لاغاضته: الموت لسوريا
فاستدرك مع ضحك الجميع سوريا لاء لاء , الروسيا الشورويا
وهنا فلتت الامور منه وبدأ يأخذ الاقتراحات , فرنسا المانيا البرتغال...الخ, كل الدول المعروفة عندنا بكرة القدم... يوافق على البعض ويرفض البعض الاخر. ـ
هذول شنو يريدون يموتون الدنيا ,شجاريلكم تالي وكعت براسنه
وانتهى العرض الى ان البعض حاول ان ياخذ مكبر الصوت منه واستغربت غباءه . ولولا شدة الحراس من حوله وعريف بشارب كثيف ونظارة جاء اليه وانتشله من الجمع الذين تجمعوا حوله دون الاكتراث باننا كنا محاطين بالسلاح , اما هو فكان يريد البقاء .. ـ
وحمدت الله ان العريف سحبه الى خارج القاعة قبل ان يقع المحذور فبعضنا لايدركون حساسية الوضع ... ـ
كنا نلهي انفسنا باحاديث شتى ونبتعد عن ذكر الجبهه والعائله, تحدث البعض عن المدينه التي "زرناها" للتو ولو زيارة مستعجلة بالسيارة .. ـ
اثاريها طهران جبيرة كلش
خوش بنايات بيها وشوارعها كبار
عمي الشاه بنى دولة الامريكان ساعدوه بيها حتى يواجه روسيا
ولكي ابعدهم عن السياسه ,عقبت:ـ
عدنا نقاط تشابه بالتصرفات والمزاج وياهم بشكل غريب ,فاكمل احد الجالسين
بكل شي يشبهونه . واضاف بسخريه حتى شرطتهم مثل شرطتنا ... ـ
تدخل واحد كان كانه يتلصص علينا من خارج الدائرة:ـ
الفرق بس الابريج..... ـ
وسام الحكيم
-----------------------------------------
لأرسال التعقيبات والملاحظات أو لقراءتها ، يرجى زيارة صفحة تعقيبات الزوار
To Add a comment, visit our Contact Page for more options
------------------------------------------
نشرت في 19-5-2013
عودة الى صفحة حديث الاسرى
الذي قضى اكثر من ثمان سنوات أسير حرب في ايران
سنين في سطور ... الحلقـة 5
الابريق ...ـ
كان معي صديق ايام الجامعة (ح م) يحب القراءة ولكن قراءاته مختلفه عن المعتاد انذاك وكان رساما ممتازا وشهد له بذلك استاذنا بمادة الرسم الاختياريه الفنان المعروف راكان دبدوب الذي احتفظ بقسم من لوحات صاحبي واحداهن بورتريت رسمني فيه , ولم تفد محاولتي باخذ اللوحة وتنازلت عنها لاستاذنا..ـ
صديقي هذا كان يضحك من قول "سخرية القدر" ويقول ساخرا
دير بالك من يضحك القدر عليك اضحك وياه والا راح ينصب عليك... ضحكنا حينها...ـ
اجد نفسي مع قاسم في ظرف حرج يصعب علينا ان نسيطر على الضحك .. لا ادري من اين وكيف وهل اننا نشارك القدر ضحكاته .. كي لا يضحك علينا.. مثلا ,لاسامح الله
عندما توقفت بباب القطار لتوقف الرتل امامي التفت لارى طابوراً من الاسرى قد اصطفوا لمصافحة اغا محمد
ربما اعتقدوا انها مراسيم التوديع ... ومنعه خجله من رد ايديهم وانقذه
اخر حين زجرهم " يللا يللا بُدو بُدو"ـ
لم اجد صعوبه في النزول رغم ارتفاع القطار فكان الجند المستقبلين يتلاقفوننا، مع العد طبعا ولا نكاد نرى الارض من كثرة العسكر ومن حولهم الجمهرة الغفيره والمتواجدين في المحطه ولا ادري كم من الحناجر كانت تصرخ بين تعداد وتعليمات وهتافات النصر ... ، واوضحها اسئله بلهجه عراقيه وهي موجهه لكل العابرين الى الباصات
اخويه انت منين؟
اكو احد وياكم من البصرة؟
ورغم تحذيرات الحراس بالاسراع وعدم التحدث مع احد الا اني رفعت راسي لارى وجه اكثر الواقفين سؤالا واعلاهم صوتا واقربهم الى باب الباص وكان طول قامته يسمح له ان يرانا من خلف الجدار البشري الذي صنعه الجند حولنا , شعره اشقر ولحيته القصيرة كذلك, نظيف المظهر يلبس سترة من القديفه الخضراء . وكان يحاور الحرس كلما التفت اليه لنهيه عن التحدث معنا, ولما نظرت
اليه استعجل باسئلته :ـ
انت من بغداد ؟ ..انت من الكاظميه؟ ، والتمسهم بانتظار جوابي ، يبدو لاني التفت اليه
الله يخليك اخويه انت من بغداد ؟
اي ... ـ
من الكاظميه؟
لا من الجادريه
وهنا صرخ مناديا على صاحبه : ولك عمار هذا هنا واحد من الجادريه.. ـ
وكنت اسمعه يتوسل بالحرس لابقائي مدة اطول .. آغا قربان آغا
الا ان مسير الطابور لم يكن لاحد ايقافه ... ـ
جلسنا اثنين لكل مقعد وصعد معنا جنود مسلحين ومعهم رائحة الجبهه. احدهم كان اسمه ابراهيم احمدي مر بقاطرتنا حينها وسال "انكليسي؟" ـ
يعني احد يعرف انكليزي؟
واشار احدهم علي وقال لي :اني شفتك تحجي ويه الجماعه بالشوش تناقشهم " بالانكليزي" ـ
وحدثنا بانكليزيه ضعيفة جدا لاتعدو كلمات ربطناها لتكون اخبارا سارة باننا سنذهب الى مكان جيد وسنكتب ونقرا وحتى نكمل دراستنا لمن يريد, ثم فاجئنا بسؤال :من لديه نقود؟ وهنا فهم احدنا :هوه هذا اللي يبيع جكاير.. ـ
اختفى ابراهيم الى ان صعد معنا الباص.. وكانت اشد التحذيرات بألا نفتح الشبابيك رغم ان الرائحه داخل الباص كانت تذكرني بالسنجاب في افلام الكارتون حين يدخل اي مكان فيتقافز الموجودون من الشبابيك …ـ
كلما امتلا احد الباصات يتحرك قليلا لياتي اخر، الى ان تحركت القافله ببطء تاركة المحطه والناس فيهم من اكتفى بالهتاف من مكانه ومنهم من تراكضوا الى سياراتهم والشوارع التي امتلات "بالمستقبلين" الذين جاءوا بحناجر مشحونه بالكامل .. وقفوا على الارصفه العريضه .. ـ
يمنعهم جدار الحراسات من الاقتراب منا. ـ
الشوارع كبيرة نظيفه والابنيه عاليه , وكل الشوارع التي مررنا بها كانت بساقيتين على الجانبين يجري فيهما ماء صافي اللون ,اكثر البنايات كانت عصرية الطراز ولكن الشعارات والرسومات بالاصباغ والملصقات الكثيرة جدا افقدتها اناقتها ورقيها، و امتدت على السواقي صفوف اشجار القوغ بسيقانها الاسطوانيه المستقيمه , مدينه كبيره متموجة الارض كثيرة الاشجار وعلى جانبها جبل كان الثلج مازال يغطي قمته . ـ
كل هذا من حولي لاول مرة ولكني مشغول بالسائق الذي اشعل سيكارة وشاركه نارها الحرس الذي يقف قرب الباب وزادهم احدنا حين طلب من الحرس اشعال سيكاره فتردد الحرس لكن السائق شجعه،. التفت الى قاسم الذي جلس في المقعد الاخير فرايته ينظر الي ويضحك ، وماهي الا ثوان حتى اشتعلت عيني بحرقة وانهالت منها الدموع وحاولت فتحها على اصوات الهتافات التي تعالت ولاحظت ان السائق ينظر الي بمرآته وتحدث الى الحرس فجاءني الحرس يربت على كتفي يطمأنني بان الحرب ستنتهي وان شاءالله نعود لاهلنا وزادت حرقة عيني سيكارته فحاولت افهامه الا انه ذهب الى صندوق قرب السائق واخرج منه خبزا ووضعه في حجري , فناولت الخبز لمن كان بجانبي وسمعته يحول قسم منه الى المقاعد خلفنا :ـ
هاكم وزعو من يمكم ...ـ
انا حاولت الشرح للحرس مشيرا لعيني :اغا دخان
والحمد لله فهم واشار علي بالذهاب الى آخر الباص، ولم اجد مشكله بمتطوع يغير مكانه الى منتصف حلبة التدخين وجلست في المقاعد الخلفيه العاليه جنب قاسم الذي كان يضحك ليخفف عني , ومع زيادة الدخان اشار الحرس بفتح الاجزاء العليا من الشبابيك … واخيرا شئ من الهواء واحسست براحه …ـ
الحرس الاخر في الباص نظراته لم تكن رحمانيه كما نقول فكان ينزعج حتى ممن يطيل النظر الى البنايات..ـ
ومررنا بمنطقة باص مكتظه بطالبات شابات كان قسم منهن يبتسمن حين تهم احداهن بالهتاف بطريقة شبه المزاح والبعض تلقي التحيه بالخفاء , وكنت استطيع رؤية احدنا القريب من الشباك يطيل النظر الى الفتيات مستغلا بطء القافله ولم يكن صعبا على الحرس الذي يقف جنبنا في مؤخرة الباص ملاحظته فذهب اليه ولطمه بسرعه على مؤخرة راسه :ـ
هيفان يعني حيوان
وارتطم راس المسكين بزجاج النافذة : ليش آغه !؟ .. سأل بتألم.. ـ
وكان شكله مؤلما ، واعتقد ان الحرس احس بان لا موجب لتصرفه المبالغ به ولكن اخذته العزة بالاثم كما نقول.. ـ
مررنا بشوارع كثيرة والحشود تتباين من واحد لاخر.. ولاحظت في احد الاسواق شبها باسواق الكراده داخل فاطلت النظر للمتسوقين والسوق وكانت عدم مبالاة الكثيرين هناك بقافلتنا واضحه , اشو مادايرين بال؟
علق احدنا وقبل ان افكر" الكلوب سواكي"صرخ الحرس على احدهم في الخارج : نا ببا نا
وبسرعه رمى احدهم بشئ ارتطم بالشباك
هاي شنو؟
فد زمال شمر علينا نعال..ـ
نعم اهانه ولكن الموقف كان فيه شئ مضحك .. فخنقنا ضحكنا ، مما حدا بالحرس بمنع التدخين مباشرة واغلاق الفتحات وطلب من الجميع عدم النظر. ـ
وكالعادة يعتقد قسم منا ان النقاش مفتوح او للمنطق مكان هنا
ليش ماتحطون بردات؟
وفهم الحرس كلمة بردة فاستشاط وامر موجها كلامه للسائل بما معناه
بردات ماكو ونظر من الشباك هم ماكو.. زين؟
انا فضلت بعدها عدم النظر الى الرصيف الايمن القريب والذي يكثر عليه المحتشدين في شارع طويل اثرت ان اسميه "شارع النصر المعلب" على قافية قصة لجون شتاينبك شارع السردين المعلب .. ـ
الرصيف الايسر كان شبه خال اغلب الوقت الا من البعض اللامبالين او من اراد ان ينأى عن الحشد او الهتاف… ـ
القافله كانت طويله والوقت كان عصرا ونهاية الدوام كانت واضحة على المرور الذي اصبح بطيئاً. ـ
وفجأة توقفنا، مما يثير التوترفي صفوف البعض نظراً لارتباك الحراس.. ـ
قاسم نبهني الى فتاة شابه كانت متوقفه على الرصيف الايسر لوحدها .. ، رصيف عريض نظيف وخلفها بنايه كبيرة بواجهة زجاجيه كانت تنظر الي او هكذا اتصور؟ .. لا لم اكن اتصور هذه البنت ترتدي سترة زرقاء طويله وبنطلون جينز ازرق وحتى حذاءها الصغير الانيق وحقيبتها كانا ازرقان وغطاء راس لم يستطع اخفاء شعرها الفاحم ووجهها الابيض الصغير, كما هي حين كنت اراها بالزي الموحد (سترة زرقاء وتنورة تغطي الركبه رصاصيه) في الباص من الباب الشرقي وكنا ننزل بنفس المنطقه بعد شارع الوزير.. ، التقت نظراتنا اكثر من مرة حين كنت اسمح لها بالنزول قبلي , كانت انيقه جدا ومازالت لكن ملامحها الهادئه بارحتها الطمأنينه التي كانت تتمتع بها. كنت اسميها ذات الرداء الازرق على اسم فلم فرنسي شاهدته في سينما بابل … ـ
خمنت انها هاجرت الى لندن بعد ان كانت تصيف هناك مع اهلها كل عام … ،سالني قاسم:ـ
هاي البنيه د تباوع عليك .. تعرفها؟
اي , شايفها .. ساكنين يمنا بالجادريه.. ـ
دير بالك الحرس اذا شافك تره نترزل… ، زين هاي اشجابهه هنا .. سفروهم؟
ماأدري… ـ
كانت المسافة بيننا اكثر من زجاج باص ورصيف بل كما هي بين بلدين بحرب داميه، لم نستطع ان نومئ لاحدنا الاخر, واختصر الباص كل هذا وتحرك .. واتكات هي على حقيبتها ومشت الى سبيلها. ـ
وعادت الهتافات الى مسامعي و الارتياح الى الحراس المتيقظين جدا مع حركة الباصات التي بدت اسرع هذه المرة . ويبدو ان خط الرحله اخذ طرقا اخرى فصاحبتنا سيارات جيب يخرج من شبابيكها شباب ببنادق نصف اخمص مكتوب على ابوابها "انكشت ثار الله " ـ
وتحتها " سباه باسداران" ، وشعارهم اليد تقبض على بندقيه, وكانت السيارات تسير بسرعه في الجانب الاخر عكس اتجاه المرور وكنا نسمع اصوات صافرات انذار الشرطه المختلفه.. ـ
وهنا بدات الباصات بالدخول الى بوابة ساحة كبيره بسياج مشبك عالي جدا وبنايات تعلوها اعلام والرصيف المقابل كانت بنايه رايتها في التلفزيون مرارا مبنى "مجلس الشورى الايراني" .. ـ
وبسرعة تم افراغ الباصات ودخلنا الى قاعه مغلقه للالعاب الرياضيه ، ونزل الكثيرون الى الساحه الخشبيه الخاليه وتجمهر آخرون حول المدخل الاعلى للملعب والبقيه القليله وانا منهم توزعنا على المدرجات الكونكريتيه البارده الخاليه ونظرنا من الشبابيك الواطئه المطله على حدائق وبنايات سكنيه بعدة طوابق .. ، كنا نستطيع ان نرى ان الابنيه كانت خالية و ليس فيها احد . جلسنا على شكل دائرة انا وقاسم و بعض من يلبسون بدلة صنف الدروع لا اعلم كيف اجتمعنا.. وكانوا مجموعه من سته اكثرهم نواب ضباط من اللوء 35 المدرع . ـ
كان الوجوم واضحا عليهم وكانوا لايفترقون عن بعضهم اضافة الى ادبهم الواضح ... ـ
كانت القاعة تعج بشباب المهمات الخاصة .. ومعنا قليلون باصابات بسيطه ..، و نستطيع رؤية الدماء المتيبسه على ملابسهم الممزقه. بدات تتشكل مجاميع هنا وهناك .. فيهم من يبكي وحوله من يواسيه , ومنهم َمن يبحثون عن ابناء منطقتهم ومنهم يتساءلون عمن تمكن من الافلات او ربما كان جريحا او .....ـ
ذهبت الى المرافق فوجدت تجمعات من نوع مشبوه في مكان كان نظيفا قبل دخولنا ولاحظت كثرة المياه على الارض والحائط .. وقال احدهم موضحاً :ـ
اكو واحد قبل شويه هنا نزع كل هدومه, ترس الابريج وصبه على روحه,
شلون؟
خويه شوف ابريجهم اشكبره
فعلا كانت اباريق المرافق كبيره جدا ولكن الماء كان باردا بقسوة مع افول الشمس والجو القارس والمرافق الكونكريتيه التي ينيرها مصباح صغير، باردة رطبه تغطي المياه ارضيتها. ـ
في زاويه على جانب المدخل وجدت الجندي ابراهيم احمدي يخرج من عبه علب سيكاير ويستلم نقودا عراقيه ، ومن كان معه انصاف دينار كان رابحا اكثر ممن عنده فئة 25 دينار وهنا بدات المقايضات بانواع العمله والسيكاير. ـ
وسالني احمدي بسرعه : بول داري؟( الباء بثلاث نقاط) يعني عندك فلوس؟
فاجبته : لا ماعندي ..ولم يكترث وبدا عليه الاستعجال .. وحين عدت الى مجموعتنا تناوبوا على استعمال (البسطال) وكان كل من يعود من الحمامات ياتينا بقصه او اشاعه او خبر عسكري!!! ـ
ولاحظت احمدي يغادر مستعجلا والنقود الكثيرة واضحه في جيوبه، ولم يغب طويلا وعاد الى القاعه بعد ان همس باذن الحرسين المسلحين اللذين كانا على الباب الرئيسي , وكانت حافات مجموعة العلب واضحه خلف قميصه ودلف بسرعة الى مركز المقايضه ... ـ
حركة اخرى بدات تسري مع وصول رائحة الاكل الى القاعه... ، لاادري كيف وماهي المصادر ولكن احدنا كان يمر على مجاميع الجالسين ويبلغنا بالتفاصيل: ـ
هاي بناية الكليه العسكريه مالتهم واليوم دزو كل طلاب الكليه للبيت وراح يوزعون علينا غداهم ..، وتره هاي البنايه اللي كبالنا مجلس الشورى يعني احنا بنص طهران
شكرا اخويه , بارك الله بيك
المجموعه المجاوره سمعوا كل المعلومات ومع هذا استوقفوا المُبلّغ لاعادة ماقال لنا والاخرين مع اسئله اخرى :ـ
يعني اليوم وين راح ننام ؟
ماادري والله
شكد راح نظل هنا؟
والله ماادري
راح ينقلونا لمعسكر لو يجيبولنه قريولات نبقه هنا؟..اي حتى نفتهم.. ـ
مع لفته للاخرين طلبا للتاييد
مااعرف..من رخصتكم اخوان ... ويذهب لاعنا الساعه
اخويه تعال..هاي وين رحت؟
دقيقه شفتهمنا اشو كلهه ماادري .. مااعرف .. ـ
لعد شعدك جاي تفتر علينه ..! ـ
هسه انت هم لحّيت باسئلتك وماسالته شنو الغدا
يابه هذا شيعرف , بس يبثون اشاعات..... ـ
دخل علينا مجموعه من العسكر(لديهم واسطه) للتحقق من شكل الغنيمه عن قرب. كان احدهم برتبة ملازم ويبدو عليه انه خريج جديد وكان في يده مكب رللصوت واشار على المسلحين بجمعنا في الساحه ، ووقف هو على مدرج اعلى . وكانت الباب خلفه والحراس على جانبيه متأهبين , وبادر مبتسما و بعربيه بلكنه : السلامُ عليكم. ـ
ورد قسم عليكم السلام .. والبعض باصوات ساخرة مكملين ورحمة الله وبركاته
واستمر مبتسماً ومحركاً نهايات الكلمات بالفصيح :ـ
جيشُ الاسلام يغرأ بكلمات الغرآن , جيش السّدام لايغرأ بكلمات الغرآن
(اللفظ الفارسي للقاف والغين معكوسا)
واكمل يطلب جواباً جماعياً: نعم؟
ورد الكثيرون: لا لا لا
والح هو بمكبره : لايغرأ
اخوان عوفوه لاتلحون وياه
هذا جاي يتعلم عربي براسنه
هذا جايبيه يلهينا ماعدهم اكل
وحاول ان يجمعنا على شئ اخر فقال
رددوا من بعدي: الموت لامريكا.. واعادوا من بعده
الموت للانكليسيا ... وكرروا مع التذمر : لزكت خو ما لزكت
وفكر هو ثم بضحكة: الموت لاسرائيل ... واعادوا كذلك
الموت للشوروي ولم ياته رد لاننا لم نفهم ... ،(الاتحاد السوفييتي) وقتها يسمونه شوروي. فانتبه وعاد مصححا الموت للروسيا واطالها بلحن فرد مستهزؤون لاغاضته: الموت لسوريا
فاستدرك مع ضحك الجميع سوريا لاء لاء , الروسيا الشورويا
وهنا فلتت الامور منه وبدأ يأخذ الاقتراحات , فرنسا المانيا البرتغال...الخ, كل الدول المعروفة عندنا بكرة القدم... يوافق على البعض ويرفض البعض الاخر. ـ
هذول شنو يريدون يموتون الدنيا ,شجاريلكم تالي وكعت براسنه
وانتهى العرض الى ان البعض حاول ان ياخذ مكبر الصوت منه واستغربت غباءه . ولولا شدة الحراس من حوله وعريف بشارب كثيف ونظارة جاء اليه وانتشله من الجمع الذين تجمعوا حوله دون الاكتراث باننا كنا محاطين بالسلاح , اما هو فكان يريد البقاء .. ـ
وحمدت الله ان العريف سحبه الى خارج القاعة قبل ان يقع المحذور فبعضنا لايدركون حساسية الوضع ... ـ
كنا نلهي انفسنا باحاديث شتى ونبتعد عن ذكر الجبهه والعائله, تحدث البعض عن المدينه التي "زرناها" للتو ولو زيارة مستعجلة بالسيارة .. ـ
اثاريها طهران جبيرة كلش
خوش بنايات بيها وشوارعها كبار
عمي الشاه بنى دولة الامريكان ساعدوه بيها حتى يواجه روسيا
ولكي ابعدهم عن السياسه ,عقبت:ـ
عدنا نقاط تشابه بالتصرفات والمزاج وياهم بشكل غريب ,فاكمل احد الجالسين
بكل شي يشبهونه . واضاف بسخريه حتى شرطتهم مثل شرطتنا ... ـ
تدخل واحد كان كانه يتلصص علينا من خارج الدائرة:ـ
الفرق بس الابريج..... ـ
وسام الحكيم
-----------------------------------------
لأرسال التعقيبات والملاحظات أو لقراءتها ، يرجى زيارة صفحة تعقيبات الزوار
To Add a comment, visit our Contact Page for more options
------------------------------------------
نشرت في 19-5-2013
عودة الى صفحة حديث الاسرى