قصص و احداث من الأســـــر
وصلتنا من الاخ عمار أكرم حكايات من ايام الاســر التي قضاها في ايران
ننشرها ادناه ، مع خالص الشكر
من مذكرات عمار أكرم مصطفى ، الذي قضى 13 سنة أسـيرا في ايران
1
طبيب الاسنان
داخل الاسر في ايران ، كان معنا احد الاسرى اسمه يوسف وكان بين الحين والاخر يعاني من اسنانه. ومشكلة دكتور الاسنان التي كنا نواجهها داخل الاسر ان دكتور الاسنان الذي كان ايرانيا طبعا ليس للاسير اي خيار بالذهاب اليه الا عبر التسجيل بالتسلسل ، واذا نفذت امبولات المخدر فتؤجل لحين زيارة اخرى لحضرة دكتور الاسنان الذي يزور مقرات الاسرى كل خمسة عشر يوما الى ثلاثين يوما تقريبا. والمضحك المبكي ان اغلب الاسرى الذين كانوا يخرجون الى المستوصف المتواضع جدا داخل المعسكر لقلع الاسنان - طبعا بعد التخدير- وبعد أن يتم قلع السن او الضرس المتضرر يتبين للاسير المسكين ان دكتور الاسنان لم يقتلع السن المتضرر بل الذي يليه او الذي قبله . وهذا الحادث تكرر كثيرا مع اغلب الاسرى الذين كانو في معسكر سمنان وبالأخص مابين عام 1991-1998 . ومن ضمن هؤلاء كان المدعو يوسف وهو من جنوب العراق حيث اختار ان يقتلع جميع اسنانه بعمل عقدة خيط متين ويقوم قلعه بطريقة خطف الحبل بيديه حتى انهى اخر ضرس لديه وانهى كل مراجعات وانتظار الدكتور التحفة الايراني مال الاسنان!. وطبعا يوجد الكثير من الاسرى الذين وقع معهم نفس الحدث بقلع السن او الضرس المجاور للضرس المتضرر
وشر البلية مايضحك . وساوافيكم ان شاء الله باحداث اخرى كثيرة من داخل الاسر
عمار اكرم - الموصل - 25-8-2012
------------------------------------------
الاخ عمار أكرم: شكرا للمشاركة بقصة خلع الاسنان ، التي تشهد على افتقار العناية الطبية للمتطلبات الاساسية وتبين جانبا من معاناة الاسرى ، ونرجو المزيد من المساهمات والاخبار عن الاسرى وذكريات الاسر ، بمرها و حلوها ، مع اطيب التحيات ... سالم الحسـو
-----------------------------------------------------
2
الصورة و رقم التلفون
من مذكرات عمار أكرم
السلام عليكم
وقعت في الاسر من يوم 11/2/1986 ولغاية 4/5/1998
ووصلتني رسالتين فقط من اهلي عام 1987
وكان مع كل رسالة من الاهل صورة لأخوتي وعلى ظهرها مكتوب اسماء اخوتي ومكتوب ايضا رقم هاتف المنزل . وفي عام 1992 كانت محادثات بين الجانب العراقي والجانب الايراني حول اعادة تبادل الاسرى فقامت جهة الاستخبارات الايرانية بعمل تفتيش على اي ورقة او اي شيء مكتوب قبل التبادل المتوقع وطبعا باءت المحادثات والتبادل بالفشل ، فقالوا لنا بالنسبة للصورأن أية صورة تحمل كتابة على ظهرها ،اي خلف الصورة، سوف نمزقها ولا نسمح باخذها، فمسحت كل ما هو مكتوب بظهر الصورة ومنها رقم هاتف المنزل.
وبقيت الصورة معي بعد مسح رقم الهاتف من خلفها لمدة ست سنوات ، وطبعا نسيت رقم هاتف بيتنا وحين عودتي اردت ان اتذكر رقم هاتف المنزل وبصعوبة بالغة و بمساعدة اثار الكتابة على ظهر الصورة واخيرا تذكرت رقم هاتف البيت بعد فراق طويل. وعند وصولي الى احد مراكز تسليم الاسرى العائدين في الموصل وكان اسمه مركز الرماح ويقع مقابل الثور المجنح في الموصل وطلبت من احد العاملين في هذا المركز ان يتصل لي على رقم المنزل وهو 611564 فجاءني مستبشرا وقال ان اهلي على خط الهاتف بانتظاري وكانت اول مكالمة مع اهلي بالهاتف بعد الاسر فذهبت مسرعا وكانت الساعة السادسة صباح يوم عرفة وكان العيد عيدين فاول ما تكلمت مع اختي الصغيرة فسالتني هل تتصل بنا من ايران قلت لا انا في الموصل وقد عدت من الاسر والان انا في مركز تسليم الرماح مقابل الثور المجنح حيث ان بيت اهلي قريب في حي المثنى .
وبعد مايقرب من عشرة دقائق دخلت امراة كبيرة في السن وكنت اشك انها والدتي والدموع على خديها وتبكي كثيرا ثم تتصبر وتنظر بوجوه الاسرى بتمعن واحدا تلو الاخر وتمالكت صبري على ان اقوم واعانقها لخوفي انها ليست امي ، فانتظرتها لتسال عن اسمي لكي اتاكد انها هي امي . وبعد بكاء وصبر و تصبر سالها رجل يرتدي البدلة الزيتونية فقال لها ياحاجة مالك فقط تبكين قالت: ولدي اين هو؟.. انتم اتصلتم بنا وقلتم ان ولدي قد عاد فاين هو؟.. ، وكنت منتبها عليها بدقة حيث لم يصل الى داخل مركز الرماح اي شخص من ذوي الاسرى الا والدتي، و لكثرة بكائها على باب دائرة الرماح ادخلوها رحمة بها وذوي الاسرى مزدحمين جدا خارج دائرة الرماح ولا يسمحون لاحد بالدخول والعجيب انني كنت اشك انها امي فاستحييت ان اعانقها واشم ريحها خوفا ان لا تكون هي امي لان الحرب فرقت بيننا مايقارب 13 سنة وانا ابنها البكر. ولكن عند السؤال عن اسمي قفزت اليها بخطوة واحدة وعانقتها وعانقتني وبدا بكائي ممتزجا ببكائها حتى بكى كل من حظر بتلك القاعة ومنهم المسؤولون عن تسليم الاسرى لذويهم .
وبعد فترة من عودتي سألْتُ والدتي : الم تعرفيني عند دخولك مركز الرماح ؟ ، قالت: عند دخولي للقاعة رايت الجميع رجالا عجائزا كُهولاً . فكانت تظن اني شابا بريعان شبابي مع أن عمري عند عودتي كان 34 سنة. وطبعا وصل معي من الاسرى مايقارب 15 اسير عائد وكانوا معي في نفس مركز الرماح وكانت لحيتي قد ابيضت واشتعل الراس شيبا .. ، والعجيب الغريب بهذا الحدث اني لم اعرف والدتي وهي اعز من بقي لي من هذه الدنيا ، وكذلك هي لم تعرفني ايضا لانها كانت ترى رجالا كهولا قد مضى بهم العمر واصبحت وجوههم هزيلة شاحبة جدا من فعل جوع الاسر وحرمانه ، واثرُ التعب والكبر قد بدا اضحا عليهم . وبالمناسبة فعند اول الامر بعد عودتي كنت ارى الناس كلهم اصحاب سمنة وقِسماً منهم بسمنة مفرطة والسبب ان مجتمع الاسر كلهم ناحلين وضعاف البنية.
و هكذا كان رقم الهاتف الذي تذكرته بصعوبة سببا لاكون اول من يخرج من قاعة تسليم اسرى الحرب لذويهم . وطبعا احداث الاسر كثيرة وقد بدات لكم ببداية الاسر ونهايته وتتخلله احداث كثيرة ساوافيكم بها ان شاء الله تباعاً واسال الله ان لايقع مكروه بنا وبمن نحب ، وهذا احد ماجنيناه من حروب ليس لها هدف ولا نتيجة مرجوة بسبب اصحاب قرارات لايفكرون الا بانفسهم ومصالحهم الشخصية على حساب شعوبهم.
الموصل - عمار أكرم
25-08-2012
----------------------------------------------------
لأرسال التعقيبات او الاخبار والذكريات يرجى استعمال الاستمارة
في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الصفحة الرئيسـية
وصلتنا من الاخ عمار أكرم حكايات من ايام الاســر التي قضاها في ايران
ننشرها ادناه ، مع خالص الشكر
من مذكرات عمار أكرم مصطفى ، الذي قضى 13 سنة أسـيرا في ايران
1
طبيب الاسنان
داخل الاسر في ايران ، كان معنا احد الاسرى اسمه يوسف وكان بين الحين والاخر يعاني من اسنانه. ومشكلة دكتور الاسنان التي كنا نواجهها داخل الاسر ان دكتور الاسنان الذي كان ايرانيا طبعا ليس للاسير اي خيار بالذهاب اليه الا عبر التسجيل بالتسلسل ، واذا نفذت امبولات المخدر فتؤجل لحين زيارة اخرى لحضرة دكتور الاسنان الذي يزور مقرات الاسرى كل خمسة عشر يوما الى ثلاثين يوما تقريبا. والمضحك المبكي ان اغلب الاسرى الذين كانوا يخرجون الى المستوصف المتواضع جدا داخل المعسكر لقلع الاسنان - طبعا بعد التخدير- وبعد أن يتم قلع السن او الضرس المتضرر يتبين للاسير المسكين ان دكتور الاسنان لم يقتلع السن المتضرر بل الذي يليه او الذي قبله . وهذا الحادث تكرر كثيرا مع اغلب الاسرى الذين كانو في معسكر سمنان وبالأخص مابين عام 1991-1998 . ومن ضمن هؤلاء كان المدعو يوسف وهو من جنوب العراق حيث اختار ان يقتلع جميع اسنانه بعمل عقدة خيط متين ويقوم قلعه بطريقة خطف الحبل بيديه حتى انهى اخر ضرس لديه وانهى كل مراجعات وانتظار الدكتور التحفة الايراني مال الاسنان!. وطبعا يوجد الكثير من الاسرى الذين وقع معهم نفس الحدث بقلع السن او الضرس المجاور للضرس المتضرر
وشر البلية مايضحك . وساوافيكم ان شاء الله باحداث اخرى كثيرة من داخل الاسر
عمار اكرم - الموصل - 25-8-2012
------------------------------------------
الاخ عمار أكرم: شكرا للمشاركة بقصة خلع الاسنان ، التي تشهد على افتقار العناية الطبية للمتطلبات الاساسية وتبين جانبا من معاناة الاسرى ، ونرجو المزيد من المساهمات والاخبار عن الاسرى وذكريات الاسر ، بمرها و حلوها ، مع اطيب التحيات ... سالم الحسـو
-----------------------------------------------------
2
الصورة و رقم التلفون
من مذكرات عمار أكرم
السلام عليكم
وقعت في الاسر من يوم 11/2/1986 ولغاية 4/5/1998
ووصلتني رسالتين فقط من اهلي عام 1987
وكان مع كل رسالة من الاهل صورة لأخوتي وعلى ظهرها مكتوب اسماء اخوتي ومكتوب ايضا رقم هاتف المنزل . وفي عام 1992 كانت محادثات بين الجانب العراقي والجانب الايراني حول اعادة تبادل الاسرى فقامت جهة الاستخبارات الايرانية بعمل تفتيش على اي ورقة او اي شيء مكتوب قبل التبادل المتوقع وطبعا باءت المحادثات والتبادل بالفشل ، فقالوا لنا بالنسبة للصورأن أية صورة تحمل كتابة على ظهرها ،اي خلف الصورة، سوف نمزقها ولا نسمح باخذها، فمسحت كل ما هو مكتوب بظهر الصورة ومنها رقم هاتف المنزل.
وبقيت الصورة معي بعد مسح رقم الهاتف من خلفها لمدة ست سنوات ، وطبعا نسيت رقم هاتف بيتنا وحين عودتي اردت ان اتذكر رقم هاتف المنزل وبصعوبة بالغة و بمساعدة اثار الكتابة على ظهر الصورة واخيرا تذكرت رقم هاتف البيت بعد فراق طويل. وعند وصولي الى احد مراكز تسليم الاسرى العائدين في الموصل وكان اسمه مركز الرماح ويقع مقابل الثور المجنح في الموصل وطلبت من احد العاملين في هذا المركز ان يتصل لي على رقم المنزل وهو 611564 فجاءني مستبشرا وقال ان اهلي على خط الهاتف بانتظاري وكانت اول مكالمة مع اهلي بالهاتف بعد الاسر فذهبت مسرعا وكانت الساعة السادسة صباح يوم عرفة وكان العيد عيدين فاول ما تكلمت مع اختي الصغيرة فسالتني هل تتصل بنا من ايران قلت لا انا في الموصل وقد عدت من الاسر والان انا في مركز تسليم الرماح مقابل الثور المجنح حيث ان بيت اهلي قريب في حي المثنى .
وبعد مايقرب من عشرة دقائق دخلت امراة كبيرة في السن وكنت اشك انها والدتي والدموع على خديها وتبكي كثيرا ثم تتصبر وتنظر بوجوه الاسرى بتمعن واحدا تلو الاخر وتمالكت صبري على ان اقوم واعانقها لخوفي انها ليست امي ، فانتظرتها لتسال عن اسمي لكي اتاكد انها هي امي . وبعد بكاء وصبر و تصبر سالها رجل يرتدي البدلة الزيتونية فقال لها ياحاجة مالك فقط تبكين قالت: ولدي اين هو؟.. انتم اتصلتم بنا وقلتم ان ولدي قد عاد فاين هو؟.. ، وكنت منتبها عليها بدقة حيث لم يصل الى داخل مركز الرماح اي شخص من ذوي الاسرى الا والدتي، و لكثرة بكائها على باب دائرة الرماح ادخلوها رحمة بها وذوي الاسرى مزدحمين جدا خارج دائرة الرماح ولا يسمحون لاحد بالدخول والعجيب انني كنت اشك انها امي فاستحييت ان اعانقها واشم ريحها خوفا ان لا تكون هي امي لان الحرب فرقت بيننا مايقارب 13 سنة وانا ابنها البكر. ولكن عند السؤال عن اسمي قفزت اليها بخطوة واحدة وعانقتها وعانقتني وبدا بكائي ممتزجا ببكائها حتى بكى كل من حظر بتلك القاعة ومنهم المسؤولون عن تسليم الاسرى لذويهم .
وبعد فترة من عودتي سألْتُ والدتي : الم تعرفيني عند دخولك مركز الرماح ؟ ، قالت: عند دخولي للقاعة رايت الجميع رجالا عجائزا كُهولاً . فكانت تظن اني شابا بريعان شبابي مع أن عمري عند عودتي كان 34 سنة. وطبعا وصل معي من الاسرى مايقارب 15 اسير عائد وكانوا معي في نفس مركز الرماح وكانت لحيتي قد ابيضت واشتعل الراس شيبا .. ، والعجيب الغريب بهذا الحدث اني لم اعرف والدتي وهي اعز من بقي لي من هذه الدنيا ، وكذلك هي لم تعرفني ايضا لانها كانت ترى رجالا كهولا قد مضى بهم العمر واصبحت وجوههم هزيلة شاحبة جدا من فعل جوع الاسر وحرمانه ، واثرُ التعب والكبر قد بدا اضحا عليهم . وبالمناسبة فعند اول الامر بعد عودتي كنت ارى الناس كلهم اصحاب سمنة وقِسماً منهم بسمنة مفرطة والسبب ان مجتمع الاسر كلهم ناحلين وضعاف البنية.
و هكذا كان رقم الهاتف الذي تذكرته بصعوبة سببا لاكون اول من يخرج من قاعة تسليم اسرى الحرب لذويهم . وطبعا احداث الاسر كثيرة وقد بدات لكم ببداية الاسر ونهايته وتتخلله احداث كثيرة ساوافيكم بها ان شاء الله تباعاً واسال الله ان لايقع مكروه بنا وبمن نحب ، وهذا احد ماجنيناه من حروب ليس لها هدف ولا نتيجة مرجوة بسبب اصحاب قرارات لايفكرون الا بانفسهم ومصالحهم الشخصية على حساب شعوبهم.
الموصل - عمار أكرم
25-08-2012
----------------------------------------------------
لأرسال التعقيبات او الاخبار والذكريات يرجى استعمال الاستمارة
في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الصفحة الرئيسـية