من مذكرات الأسـر : عمار اكرم مصطفى - 3
السلام عليكم ورحمة الله
كنت قد وعدت القراء الكرام بما يجود به قلمي عن الأسر والأسرى في إيران، و هذا ما لدي اليوم :
القلم والورق - الحاجة أم الاختراع
ففي مراحل سنين الأسر الطويلة وخصوصا بعد موافقة إيران على القرار المشؤوم المرقم 598 سيء الصيت والتطبيق وخصوصا من ناحية تبادل الأسرى والذي وافقت إيران عليه وخرج في حينها عام 1988 الخميني وقال قولته
(( أتجرع الموافقة على قرار وقف الحرب بين إيران والعراق كما أتجرع كأسا من السم ))
واستبشرنا خيرا بحينها وما كنا ندري كاسرى حرب أننا رهن لتطبيق هذا القرار واننا سنقضي السنين الطويلة...، وأنا من الأسرى العراقيين قضيت بعد توقف عجلة الحرب عشر سنوات وأنا على أمل استكمال التبادل للأسرى. وكانت هذه المرحلة التي مرت على الأسرى العراقيين أصعب بكثير من ما سبق أيام اندلاع الحرب بين البلدين وخصوصا بعد تبادل الأسرى المزعوم من إيران حيث أنهم كانوا يرسلون أسيراً مقابل أسيرٍ حتى انتهى آخر أسير إيراني خرج من العراق إلى بلده عام 1991
ولكنه بقي آلاف من الأسرى العراقيين ولحد هذه اللحظة ما يقارب 7000 أسير عراقي في غياهب سجون إيران الرهيبة بسبب مساوئ تطبيق قرار 598 وبهذا قد خالفوا شريعة الإسلام التي يدعونها وشرائع كل بني البشر حيث قال سبحانه في كتابه من سورة محمد صلى الله عليه وسلم
(( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوزَارَهَا فَإِمَّا مَناً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً )) فأين هم من الإسلام؟
وفي مراحل الأسر الطويل كنت ابحث عن أي شيء يشغلني عن طول التفكير بالأهل والوطن والحرية ولكن هيهات هيهات حتى تأتي لحظة الفرج من عند الله سبحانه
فمن البديهي ان دراسة العلوم تحتاج للورق والقلم ، وفي ذلك المكان لا ورقة ولا قلم...، فكان من يحتاج أن يتعلم شيئا لا بد له من تحضير الدفتر والقلم . ورب سائل يسال وما المانع من تحضيرهما؟ .. والجواب أن الإيرانيين لا يسمحون لأي أسير أن يكون بحوزته الدفتر والقلم النظامي!
فكان من يريد الكتابة عليه أن يجمع علب الكارتون الفارغة ويجعلها كدفتر لكتابة ما يريد
أما المداد أو الحبر فكنا نصنعه من السماد ((السخمان )) ونخلطه بقليل من الماء لكي يكون مدادا لكتابة ما نتعلمه ونعلمه للآخرين.
وتأكيدا لكلامي فان هناك الكثير من الأسرى العراقيين يعرفون كيف كان الأسرى يصنعون الورقة والقلم وأنا من الناس الذين كان الإيرانيون كل أسبوع يقومون باستجوابهم والتفتيش عن الأوراق والأقلام ويأخذونها عنوة منهم ، ثم ويقومون بحرقها أمامنا مرارا وتكرارا وكان لسان حالهم وفعلهم يقول نحن أعداء الكتاب والقلم ... !
وكان مسؤولهم يقول لي هل ستكتب ثانية؟ ، أنت تكتب ونحن نحرق.. طبعا بعد الشتم والسب ..
مع العلم أن الذي كنت اكتبه كان إما آية من كتاب الله سبحانه أو بعض العلوم الأخرى مثل اللغة العربية والنحو والصرف والشعر وكذلك بقية الأسرى كانوا يكتبون ما ينفعهم من علوم شتى وما كنت اكتب عنهم شيئا لكي لا أقع بمشاكل عويصة معهم ومع كل هذه المشاكل والمعوقات والصعاب سيبقى القلم منتصرا على من يجحده ويجهله.
وعذرا عن الإطالة وسأبقى بين الحين والآخر آتيكم بإطلالة
عمار اكرم مصطفى- 5-2-2013
خاص بموقع سنين الضياع
------------------------------
لأرسال
التعقيبات او الاخبار والذكريات
يرجى استعمال الاستمارة في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الرئيسية
السلام عليكم ورحمة الله
كنت قد وعدت القراء الكرام بما يجود به قلمي عن الأسر والأسرى في إيران، و هذا ما لدي اليوم :
القلم والورق - الحاجة أم الاختراع
ففي مراحل سنين الأسر الطويلة وخصوصا بعد موافقة إيران على القرار المشؤوم المرقم 598 سيء الصيت والتطبيق وخصوصا من ناحية تبادل الأسرى والذي وافقت إيران عليه وخرج في حينها عام 1988 الخميني وقال قولته
(( أتجرع الموافقة على قرار وقف الحرب بين إيران والعراق كما أتجرع كأسا من السم ))
واستبشرنا خيرا بحينها وما كنا ندري كاسرى حرب أننا رهن لتطبيق هذا القرار واننا سنقضي السنين الطويلة...، وأنا من الأسرى العراقيين قضيت بعد توقف عجلة الحرب عشر سنوات وأنا على أمل استكمال التبادل للأسرى. وكانت هذه المرحلة التي مرت على الأسرى العراقيين أصعب بكثير من ما سبق أيام اندلاع الحرب بين البلدين وخصوصا بعد تبادل الأسرى المزعوم من إيران حيث أنهم كانوا يرسلون أسيراً مقابل أسيرٍ حتى انتهى آخر أسير إيراني خرج من العراق إلى بلده عام 1991
ولكنه بقي آلاف من الأسرى العراقيين ولحد هذه اللحظة ما يقارب 7000 أسير عراقي في غياهب سجون إيران الرهيبة بسبب مساوئ تطبيق قرار 598 وبهذا قد خالفوا شريعة الإسلام التي يدعونها وشرائع كل بني البشر حيث قال سبحانه في كتابه من سورة محمد صلى الله عليه وسلم
(( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوزَارَهَا فَإِمَّا مَناً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً )) فأين هم من الإسلام؟
وفي مراحل الأسر الطويل كنت ابحث عن أي شيء يشغلني عن طول التفكير بالأهل والوطن والحرية ولكن هيهات هيهات حتى تأتي لحظة الفرج من عند الله سبحانه
فمن البديهي ان دراسة العلوم تحتاج للورق والقلم ، وفي ذلك المكان لا ورقة ولا قلم...، فكان من يحتاج أن يتعلم شيئا لا بد له من تحضير الدفتر والقلم . ورب سائل يسال وما المانع من تحضيرهما؟ .. والجواب أن الإيرانيين لا يسمحون لأي أسير أن يكون بحوزته الدفتر والقلم النظامي!
فكان من يريد الكتابة عليه أن يجمع علب الكارتون الفارغة ويجعلها كدفتر لكتابة ما يريد
أما المداد أو الحبر فكنا نصنعه من السماد ((السخمان )) ونخلطه بقليل من الماء لكي يكون مدادا لكتابة ما نتعلمه ونعلمه للآخرين.
وتأكيدا لكلامي فان هناك الكثير من الأسرى العراقيين يعرفون كيف كان الأسرى يصنعون الورقة والقلم وأنا من الناس الذين كان الإيرانيون كل أسبوع يقومون باستجوابهم والتفتيش عن الأوراق والأقلام ويأخذونها عنوة منهم ، ثم ويقومون بحرقها أمامنا مرارا وتكرارا وكان لسان حالهم وفعلهم يقول نحن أعداء الكتاب والقلم ... !
وكان مسؤولهم يقول لي هل ستكتب ثانية؟ ، أنت تكتب ونحن نحرق.. طبعا بعد الشتم والسب ..
مع العلم أن الذي كنت اكتبه كان إما آية من كتاب الله سبحانه أو بعض العلوم الأخرى مثل اللغة العربية والنحو والصرف والشعر وكذلك بقية الأسرى كانوا يكتبون ما ينفعهم من علوم شتى وما كنت اكتب عنهم شيئا لكي لا أقع بمشاكل عويصة معهم ومع كل هذه المشاكل والمعوقات والصعاب سيبقى القلم منتصرا على من يجحده ويجهله.
وعذرا عن الإطالة وسأبقى بين الحين والآخر آتيكم بإطلالة
عمار اكرم مصطفى- 5-2-2013
خاص بموقع سنين الضياع
------------------------------
لأرسال
التعقيبات او الاخبار والذكريات
يرجى استعمال الاستمارة في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الرئيسية