من مذكرات الاخ حربي موسى حسـين -الجزء الاول
الحلقة : 1- 5
والذي قرر ان يكتب لموقعنا ولاول مرة عن تجربته في الاسر للفترة من 1982 ولغاية عام 1996 ، اي ما يقارب 15 سنة ...
كتب الينا الاخ حربي يقول :
هذه المذكرات ، اكتبها بمرارة ولاول مرة في حياتي لاني اخشى ان اموت ولا يعلم بها احد من ابناء وطني الحبيب ... ، لاسيما اني كبرت وتجاوزت السبعين سنة
وتقبلوا فائق الشكر على حرصكم واهتمامكم بقضية مهمة من تاريخ العراق
والعراقيين بانسانية وموضوعية
-----------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله
الحلقة 1
ارتأيت ان اكتب لكم خلاصة الكتيب الذي احتفظ به منذ عام 1996 الى يومنا هذا... فاني قررت ان اخرجه الى النور واطبعه وانشره باذن الله قريبا جدا . اذ لا يعقل ان اكتب لكم خمسين صفحة من هذا الكتيب فهي عملية شاقة ومتعبه جدا .
-
في شهر اذار من عام 1982 تم ارسالنا الى قاطع ديزفول - عين الخوش-امام زادة عباس وبعد ثلاثة ايام من وصولنا هناك تم تطويقنا واسرنا من قبل القوات الايرانية. يضاف الى ذلك سقوط قاطع الشوش وديزفول والمحمرة حسب خطة عسكرية خلاصتها قطع الامدادات الخلفية وتطويق القطعات العراقية من الخلف . نقلنا بسيارات ايرانية عسكرية الى عمق الاراضي الايرانية الى قوجان في مشهد . في جو ممطر كئيب والجوع والعطش يعتصر بطوننا وذل الاسر قد بدات ترتسم معالمه على وجوهنا. ومكثنا في قوجان فترة من الزمن ليست طويلة جدا ومن هناك وزعنا الى عدد من المعسكرات، كان نصيبي منها معسكر الحشمتية بطهران واصدقاء لي اقتيدوا الى معسكرات الداودية وبرندك و القلعة .
وبدانا نشهد البرامج المعدة لنا باتجاه غسيل الدماغ ، وبدات سياسة الترغيب والترهيب منذ الايام الاولى ... فمنا من لم يتحمل ذلك فانخرط في صفوفهم ونال ما ناله من الامتيازات ، ومنا من بقي محافظا على استقلاليته وابتعاده عن الاجواء السياسية المبطنة والمغلفة بالدين والتي تبعدنا عن الاعتدال والحكمة بل وتدفع المنتمين لنشاطاتهم الى شئ من الاسراف والقسوة تجاه اخوتهم الاسرى.. فهم يتعاونون مع الاَسر على الاسير وكانوا بالامس يحملون السلاح معهم في جبهات ..
ولكن من بقى مستقلا بعيدا عنهم نال ما نال من ضغوط نفسية وعقوبات اضافية وحرمان من ابسط الحقوق الانسانية التي جاء بها الاسلام.
ورب سائل يبحث عن منهاج عمليات غسيل الدماغ واساليب الترغيب ونوع المكافات وما يقابلها من عقوبات وحرمان للمعاندين الرافضين لتوجيهاتهم فهذا يستلزم مساحة واسعة وجهدا طويلا لا مجال لذكره هنا ولكنكم بالتاكيد ستطلعون عليه في كتابي القادم باذن الله.
امضينا ما يقارب العام في معسكر الحشمتية وكانت مدة سنة كافية لان تتوضح مواقفنا وافكارنا واهواؤنا مما رايناه وشهدناه من نشاطات وفعاليات .. تنقل بتفاصيلها الى السلطة والهيئة المشرفة على المعسكر عن طريق المجسات الامنية (التوابين) اليها .. فتم على ضوء ذلك نقلنا الى معسكرات مقفلة .. وكان نصيبي منها معسكر الداودية . وفي هذا المعسكر الذي يشبه معسكر الحشمتية من ناحية الضغوط النفسية والمحاضرات الايديولوجية التي يؤديها عراقيون مقيمون في البلاد، مع وممارسة اساليب العقاب والثواب مع الاسرى .. والعقاب هو الجلد بالسياط والكيبل والحبس الانفرادي وقطع صلة الاسير باهله وعدم ايصال رسائله الى العراق والتضييق النفسي الشديد الخ ... ، اما المكافات فكانت مخصصة في معسكر الحشمتية لمن انخرط في صفوفهم فيعطى حذاء ونحن نلبس النعال شتاء وصيفا وهم ياخذون علبة سكائر كاملة ( اشنو) بينما نحن المستقلين نعطى ثلاثة سكائر باليوم فقط .
والى حلقة قادمة ، و استودعكم الله
حربي موسى حسين - 31-1-2013
------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزء الثاني
2
وبعد مضي فترة من الزمن اجريت لنا غربلة ودراسة تقيييمية لمعرفة الثابت فينا على سلوكه المعتدل كسجين حرب ممن لا يفيد الادارة ايرانية بشئ كنقل المعلومات الاستخباراتية عن الاسرى وتحركاتهم وعلاقاتهم واحاديثهم الى جانب رفضهم قبول المسؤليات الادارية في المعسكر التي في ظاهرها الخارجي الخدمة ونيل الثواب وفي باطنها ايجاد جو مناسب للاتصال بالادارة الايرانية
وايصال التقارير الامنية المكتوبة او الشفهية ..، الغاية منها العمل على تقويض وهدم ذلك الموقف الذي يراه الايرانيون سلبيا لا يشجع على انخراطهم جميعا بالنشاطات الايديولوجية وبالتالي الى فيلق بدر..
كنت واحدا من الاحبة الذين كانوا عقلاء ورصينين ومستقلين .. اتطلع الى قضاء سنين الاسر
دونما ان اؤذي اسيرا واحدا او ان اساوم على القيم الوطنية التي اؤمن بها فاعود ان شاء ربي الى وطني ولو بعد سنين او اموت في سجني مرتاح الوجدان والضمير.
كان هناك فريق من المعممين بعنوان ( داعية او محاضر ) يزور المعسكر لالقاء المحاضرات
الدينية والسياسية التي لا تحتمل النقاش من المعارضين والمخالفين وان تجرأ احد على الكلام كما فعلت انا ، يسجل اسمه و له العقوبات الجاهزة فيزج به بالانفرادي والضرب باليد والرفس والركل والسياط والجلد والهرولة الاجبارية وما شابه ذلك. وينفذ هذه العقوبات جندي ايراني برتبة نائب عريف نسيت اسمه الان وكان معوقا عقليا ويتطاير اللعاب من فمه .. قبيح للغاية .. مثله مثل عريف روحي الذي كان بدرجة عريف في معسكر مخصوص الصحراويى والذي كان قاتلا مجرما قتل اسيرا امام مشهد الاسرى كان يجره بحبل سميك عل الارض الجرداء المغطاة بالحصى والتراب والرمل الى ان فارق الحياة وهو عارٍ تماما من اي لباس !!!!
وكان يخيفنا بقتله ويقول انتم مثل هذا قيمتكم كقيمة الحصى هذا !!!!!
سياتي الحديث فيما بعد عن معسكر مخصوص الصحراوي
ولنعد الى معسكر اللاجئين في الداودية ...
كانت الاستدعاءات مستمرة للاسرى والتحقيق مع التعذيب مستمر ولا ننام ليلنا او نهارنا
الا والكوابيس والهلع والرعب يكون غذاءنا اليومي .. وقطعت عنا الرسائل التي
تجهزها منظمات الصليب الاحمر الدولية .. فلم تصل من هذا الرسائل الا رسالتين فقط
خلال 15 سنة من السجن .. وانا محظوظ تماما لان اهلي وابنائي عرفوا اني على قيد
الحياة . اما الباقون فمجهولون ولا يعرف بهم احد .. فاضطررنا بعد عودتنا مراجعة
اهاليهم لاخبارهم بالامر بعد فوات الاوان للاسف ... لان معظم زوجات الاسرى تزوجن لحقهن الشرعي بذلك بعد غياب ازواجهن عشرين سنه عنهن دون ان يعرفوا شيئا عنهم !!!!
بعد ان مكثنا في معسكر الداودية اكثر من سنة استطاع الايرانيون ان يعرفوا عنا ما
وصلهم من المندسين في صفوفنا ممن يسمون انفسهم بالتوابين
وكان هؤلاء التوابون متخفين غير ظاهرين لان المعسكر مغلق لغيرهم !!. ، واذكر واحدا من المعممين في معسكر الداودية يكنى ابن بعورة لدى الاسرى .. اشقر اللون شاب في مقتبل عمره يشرف على حفلات الجلد التي كنا نتعرض لها وهو شامت فرح يعلق تعليقات جارحة اكثر الما من الم الضرب وسياط الجلادين ... دون ذنب اقترفناه سوى اننا تصرفنا كاسرى حرب ، ملتزمين بكل الاداب العامة والقيم وبتعليمات المعسكر .. ولكن ذلك كان غير مقبول لديهم فالمهم عندهم ان تضع يدك بيدهم وتسمع منهم ماهو الحلال وما هو الحرام .. وبالتالي تجد نفسك في فيلق بدر لتقاتل من جديد في شمال العراق او تتسلل من الاهوار وتقتل وتدمر وتهدم بحسب الخطة .. لتقع من جديد اسيرا بيد صدام او قتيلا في الحدود !!!!
اما الناحية الصحية هنا فوجدتها جيدة بعض الشئ باشراف اطباء عراقيين اسرى مثلنا ولكنهم يؤدون واجباتهم بمهنية عالية وبشرف رائع ، اذكر منهم الدكتور موسى والدكتور نجم الذي له حكاية طويلة لا ارغب الكلام فيها لانه اجبر وابتز تحت ضغط لا يتحمله احد فاضطر
للحفاظ على نفسه وشرفه ان يكون (توابا ) !!!
شاء القدر ان ننتقل الى معسكر الموت : معسكر اراك مخصص للمتعندين الرافضين ان يرتدوا لباسا جديديا ووجها جديدا مثلما يفعل الكثيرمن ابناء شعبنا طمعا بالدنيا والمكاسب ومقاعد
البرلمان فقررت ان احترم نفسي وابتعد عن الاحزاب السياسية والدينية واذا تكلمت فاكون موضوعيا اينما ارى الحق اذكره واينما اجد الباطل اشير اليه ولا يهمني الناس قاطبة في قول الحق.. ، قال الله عز وجل :
( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) المائدة 105
-
الى اللقاء في الجزء الثالث و استودعكم الله
Harbi Mousa Hussein - حربي موسى حسـين
5-2-2013
--------------------------------------------------
الجزء الثالث : من ذاكرة الاسر
3
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد مضي سنة على وجودنا بهذا المعسكر اجرت الادارة الايرانية غربلة في صفوفنا واعداد قائمة باسماء غير المتعاونين معها ممن اثروا الاستقلال بالموقف والتصرف كاسرى مستقيمون ومسالمين ينتظرون ساعة الخلاص من الاسر فيعود كل واحد منهم الى اهله دونما مسؤليات تطوقة بالمساءلة القانونية والسياسية عما كان يفعله خلال فترة الاسر .
فتم نقلنا الى معسكر الداودية المغلق بهؤلاء المستقلين . كان المعسكر يمارس الضغوط النفسية على الاسرى ويستقدم عدد من المعممين العراقين ممن كان يعيش في ايران قبل وجودنا لالقاء المحاضرات التي تخدم فكرهم السياسي وتوجهاتهم العقائدية والايديولوجية رغم ان الاسرى منحدرين من اصول مختلفة كالشيعة والسنة وغير المسلمين ايضا بنسب قليلة .
كما ان الرسائل كانت محرمة علينا ولا نعرف شيئا عن اهالينا في العراق وماذا حل بهم من بعد اسرنا . ولابد الاشارة الى حقيقة ان المعسكر لا يقتصر على المستقلين والمعاندين بمواقفهم ما قبل الاسر.. بل بين صفوفنا عناصر متعاونة مع الادارة الايرانية وتكتب عنا التقارير السرية لها سواء بحق او باطل لغرض التقرب للادارة والتملق لها واثبات ولاءها او بدافع الايمان بنهجهم وكسب الثواب حسب ظنهم بأيذائنا او تعريضنا للعذاب الاضافي للاسر وهو القائنا بالزنزانات الانفرادية والجلد بالسياط وما شابه ذلك من العقوبات التي يمارسها الجنود الايرانيون بحسب التعليمات او بحسب اهوائهم حينما نكون بين ايديهم !!
وفي هذا المعسكر بقينا اكثر من عام وتم التعرف علينا من خلال التقارير السرية للتوابين واغلب المعلومات فيها كانت مبالغ فيها للتزلف والتقرب للادارة الايرانية فلجات الادارة الايرانية الى نقلنا الى معسكر اراك مخصوص الصحراوي الذي يتميز ببعده عن المدينة اراك وبكثرة الاعاصير الترابية والرملية ( الفتالات) .. !!
------------------
والى الجزء الرابع .... ، نلتقي باذن الله للحديث عن هذا المعسكر
-----------------------------
الجزء الرابع
4
Harbi Mousa Hussein - حربي موسى حسـين
27-02-2013
السلام عليكم ابناء العراق الطيب بكل اديانكم ومذاهبكم وانتماءاتكم القومية
كانت محطتي الاخيره في الاسر معسكر اراك مخصوص .. ... ، وهنا تسكب العبرات !!
انه في موقع ناء وبعيد عن مدينة اراك تكثر فيه الاعاصير او نسميها الفتالات الترابية والرملية .. فحينما ياتي القزان ( القدر الكبير للطعام) لابد ان يخالطه التراب فيزيده قرفا ونفورا من الشهية .. ولكن الجوع دائما سيد الموقف ولا نزاع فيه او عليه فناكل لسد الرمق شئنا ام ابينا !!
يتكون المعسكر من زنزانات بمساحة 4 امتار عرض وخمسة امتار طول .. ارجو ان يعذرني اخوتي الاسرى بهذا المعسكر ان اخطأت ببضعة سنتمرات في القياسات .. وهناك ايضا قاعتين طويلتين قد يصل طولها الى اكثر من عشرين متر بعرض عشرة امتارتقريبا
اكثر او قليل ، لا ادري بدقة سامحوني ..
..
وفيما يخص الزنزانات الصغيرة فتحتوي على اسرة بطوابق ثلاث كل زنزانة تعدادها لا يقل عن 25 اسير. من حسن حظنا انذاك كان معنا اسرى اطباء باطنية ايضا يشرفون علىينا صحيا بامكانات بسيطة للغاية ودواء قليل ... كانوا يؤدون واجباتهم او دعني اسميها مهامهم بشكل مهني وانساني قلما نجده لدى غيرهم في مكان اخر .. .. وقد خصص واحد من هؤلاء لقلع الاسنان عندما يكون مصابا بالعطب لتعذر العلاج ، فيكون القلع هو المطلوب .. وكان نصيبي ان فقدت كل اسناني !! وبعدها امتنعت عن تقديم الابتسامات مع احبتي لئلا ازعجهم هههههههههههه... ، وبعيدا عن المزاح كانت اثار ذلك على معدتي التي تستقبل الطعام دونما هضم جيد ..
وهنا اقول للامانة -لان الله العزيز يحاسبني على كتمان ما هو جيد وايجابي _ ان الادارة الايرانية كانت تبعث بالمرضى - الذين تستوجب علاجاتهم في المستشفيات الايرانية بسيارات نقل سريعة .
وكنت انا ممن رقد بالمستشفيات الايرانيه ثلاث مرات واجريت لي عمليات جراحية لثلاث مرات في سنين متفاوته .. هذه العمليات كانت كبيرة وخطيرة وهي استئصال اكياس مائية من مواقع مختلفة محيطة بالكبد .. واقسم بالله العظيم وجدت في الجراحين والممرضات ارقى معاني الانسانية والاداء الانساني والمهني لخدمتي ..
بل وازيدكم علما ان الامهات الايرانيات اللواتي ياتين الى المستشفى العسكري لزيارة ابناءهن يتوجهون الى غرفة الاسرى بالمستشفى قبل ذهابهن الى ذويهن سواء كانوا ابناءا او ازواجا او اخوة !!!
وارى الدموع تترقرق في عيونهن علينا وعلى غربتنا وعلى آلامنا !!!
بالله عليكم احبتي لو كان هناك اسيرا ايرانيا واحدا في مستشفياتنا فماذا نعامله وكيف نتصرف معه في اجواء التحريض الطائفي والشحن ضد بعضنا بعضا ؟.. اقل ما نقوله او نسمعه من كلام جارح : مجوسي او صفوي او عظمك متروس خرة !!!
دعونا نعود الى الجانب المأسوي الذي كنا نعيشه بهذا المعسكر الدامي : اذكر واحدة من العقوبات التي فرضت على المعسكر بان الزنزانات تم اغلاقها جميعا ولا يسمح لاحد مغادرتها لاي سبب كان .. وقد جلب الايرانيون لنا براميل في داخل الزنزانات نقضي بها حاجاتنا .. اي نتغوط ونتبول فيها لمدة من الزمن .. مما تسبب اصابة عدد كبير من الاسرى بمرض الزحار الاميبي ومات بسبب هذا الوباء المتفشي عدد كبير من
الاسرى الشهداء رحمهم الله
كل ذلك في محاولة يائسة من الادارة الايرانية لتطويعنا الى مشيئتهم وتحويلنا الى ادواة مطيعة بايديهم .. واكثر من ذلك انهم شيدوا زنزانات انفرادية تحت الارض في داخل المعسكر .. كل زنزانه مساحتها متر ونصف بعرض متر وعشرين سنتمتر وارتفاع متر وعشرين سنتمتر مطلية بالسمنت الاسود من الداخل لتبعث الكابة في نفس الاسير ... هذه الزنزانات باختصار تشبه القبر- خصصت لابرز المعاندين ممن له تاثير
على الاسرى ويحظى باحترام الاسرى .. وكان نصيبي ان مكثت سنة كاملة بهذه الزنزانات .
يسمح لنا ثلاث مرات ان نذهب الى التواليت -المراحيض- ناخذ معنا طاسة من الفافون التي ناكل فيها غذاءنا .. وبعض الاحيان نضطر ان نقضي حاجتنا فيها بسبب الضيق!
لقد تعبت الان .. ، احبائي الطيبون .. اسمحوا لي ان اتوقف الان عن االاستطراد واعذروني... على امل ان التقي معكم في حلقة قادمة باذن الله !!!
حربي موسى حســين
Harbi Mousa Hussein
-----------------------------
الحلقة الخامسة
5
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواقف واحداث وقعت في معسكر اراك مخصوص
كان ضابط الامن والاستخبارات الايراني برتبة رائد لا اذكر اسمه ولكني اذكر آمر
المعسكر الذي كان برتبة عقيد واسمه فرج الله برنية .
كان ضابط الاستخبارات يتردد على معسكرنا ويهمه جدا استجواب الاسرى المحبوسين
( ومجموعهم ثلاثين اسيرا) في الزنزانات الانفرادية تحت الارض والتي نطلق على
تسميتها النقرة .. ، يستدعينا واحدا بعد اخر بشكل انفرادي لعله يجد ضعفا في احدنا
ويطمع فيه وياخذن منه ما يريد من معلومات ويوجهه بما ينبغي ان يفعله
بالمعسكر .. ولكن الحمد لله يبدو ان الله عز وجل حفظنا من الضعف وبقينا صامدين
على الاستقلال والابتعاد عن التعاون مع الادارة الايرانية ضد اسرى المعسكر.
وانا لا اعرف طبيعة الاسئلة التي وجهت لاصدقائي المسجونين معي ولكن حينما جاء دوري
استطعت باسلوب ذكي وشفاف ان اجعل الضابط ييأس من الاستمرار معي . ولدى دخولي
عليه وجدت جندي عربستاني للترجمة رغم ان الضابط كان يتكلم ويفهم اللغة العربية
الفصحى . والقيت السلام وباشرته بالكلام وقلت : سيدي هل تسمح لي بكلام
مختصر ونافع ؟ فقال بالتاكيد تفضل .
قلت: هل تعلم ان الاسرى جميعا يحبوك ويحترموك ؟؟ فظهرت على وجهه علائم الفرحة وكانه
استشف من الكلام ان النية متجهة للتعاون معه . فقال وكيف ذلك ؟ لماذا تحبوني؟
قلت له المثل عند العرب يقول شبيه الشئ منجذب اليه كما انهم يقولون : المرء يعرف
من اقرانه . فااراد المترجم ان يترجم ما قلته طلب اليه السكوت لانه فهم ما اقصده ثم طلب الي الاستمرار وقال باي شئ انا اتشابه معكم؟ قلت انت تحب بلدك ايران ونحن نحب بلدنا العراق وكلانا مخلص لبلده .. فهذا التشابه بيننا جعلنا نقدرك ونحترمك ونتوقع من ان تحترمننا بنفس القدر . اليس كذلك ؟
فقال بالفارسي ( بدر سخته) !!!
ولا اكتمكم بان قلبي كان يخفق هلعا من الجلد والتعذيب ولكني كنت افتعل الهدوء
والابتسامة الزائفة بوجهي لئلا اجعله متشنجا متوترا وامنعه بدلوماسية مفتعله ان يتعسف بالعقوبة ان ارادها لي ونحمد الله الكريم أنه لم يعاقب اي واحد فينا في ذلك اليوم .. يوم الاستجواب والتحقيق.
وكعادتي بالاعتذار لكم لغرض التوقف لشرب استكان جاي عراقي رائحته طيبة ونكهته جميلة كنكهتكم الحلوة ، استئذنكم بالتوقف على امل اللقاء بكم في مفارقات اخرى اسردها بطيب
خاطر
حربي موسى حسـين - 24-3-2013
Harbi Mousa Hussein
عودة الى صفحة حربي موسى حسين
-------------------------------------------------------------------
خاص بموقع سنين الضياع
--------------------------------------------------------------------
لأرسال التعقيبات او الاخبار والذكريات
يرجى استعمال الاستمارة في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الرئيسية
الحلقة : 1- 5
والذي قرر ان يكتب لموقعنا ولاول مرة عن تجربته في الاسر للفترة من 1982 ولغاية عام 1996 ، اي ما يقارب 15 سنة ...
كتب الينا الاخ حربي يقول :
هذه المذكرات ، اكتبها بمرارة ولاول مرة في حياتي لاني اخشى ان اموت ولا يعلم بها احد من ابناء وطني الحبيب ... ، لاسيما اني كبرت وتجاوزت السبعين سنة
وتقبلوا فائق الشكر على حرصكم واهتمامكم بقضية مهمة من تاريخ العراق
والعراقيين بانسانية وموضوعية
-----------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله
الحلقة 1
ارتأيت ان اكتب لكم خلاصة الكتيب الذي احتفظ به منذ عام 1996 الى يومنا هذا... فاني قررت ان اخرجه الى النور واطبعه وانشره باذن الله قريبا جدا . اذ لا يعقل ان اكتب لكم خمسين صفحة من هذا الكتيب فهي عملية شاقة ومتعبه جدا .
-
في شهر اذار من عام 1982 تم ارسالنا الى قاطع ديزفول - عين الخوش-امام زادة عباس وبعد ثلاثة ايام من وصولنا هناك تم تطويقنا واسرنا من قبل القوات الايرانية. يضاف الى ذلك سقوط قاطع الشوش وديزفول والمحمرة حسب خطة عسكرية خلاصتها قطع الامدادات الخلفية وتطويق القطعات العراقية من الخلف . نقلنا بسيارات ايرانية عسكرية الى عمق الاراضي الايرانية الى قوجان في مشهد . في جو ممطر كئيب والجوع والعطش يعتصر بطوننا وذل الاسر قد بدات ترتسم معالمه على وجوهنا. ومكثنا في قوجان فترة من الزمن ليست طويلة جدا ومن هناك وزعنا الى عدد من المعسكرات، كان نصيبي منها معسكر الحشمتية بطهران واصدقاء لي اقتيدوا الى معسكرات الداودية وبرندك و القلعة .
وبدانا نشهد البرامج المعدة لنا باتجاه غسيل الدماغ ، وبدات سياسة الترغيب والترهيب منذ الايام الاولى ... فمنا من لم يتحمل ذلك فانخرط في صفوفهم ونال ما ناله من الامتيازات ، ومنا من بقي محافظا على استقلاليته وابتعاده عن الاجواء السياسية المبطنة والمغلفة بالدين والتي تبعدنا عن الاعتدال والحكمة بل وتدفع المنتمين لنشاطاتهم الى شئ من الاسراف والقسوة تجاه اخوتهم الاسرى.. فهم يتعاونون مع الاَسر على الاسير وكانوا بالامس يحملون السلاح معهم في جبهات ..
ولكن من بقى مستقلا بعيدا عنهم نال ما نال من ضغوط نفسية وعقوبات اضافية وحرمان من ابسط الحقوق الانسانية التي جاء بها الاسلام.
ورب سائل يبحث عن منهاج عمليات غسيل الدماغ واساليب الترغيب ونوع المكافات وما يقابلها من عقوبات وحرمان للمعاندين الرافضين لتوجيهاتهم فهذا يستلزم مساحة واسعة وجهدا طويلا لا مجال لذكره هنا ولكنكم بالتاكيد ستطلعون عليه في كتابي القادم باذن الله.
امضينا ما يقارب العام في معسكر الحشمتية وكانت مدة سنة كافية لان تتوضح مواقفنا وافكارنا واهواؤنا مما رايناه وشهدناه من نشاطات وفعاليات .. تنقل بتفاصيلها الى السلطة والهيئة المشرفة على المعسكر عن طريق المجسات الامنية (التوابين) اليها .. فتم على ضوء ذلك نقلنا الى معسكرات مقفلة .. وكان نصيبي منها معسكر الداودية . وفي هذا المعسكر الذي يشبه معسكر الحشمتية من ناحية الضغوط النفسية والمحاضرات الايديولوجية التي يؤديها عراقيون مقيمون في البلاد، مع وممارسة اساليب العقاب والثواب مع الاسرى .. والعقاب هو الجلد بالسياط والكيبل والحبس الانفرادي وقطع صلة الاسير باهله وعدم ايصال رسائله الى العراق والتضييق النفسي الشديد الخ ... ، اما المكافات فكانت مخصصة في معسكر الحشمتية لمن انخرط في صفوفهم فيعطى حذاء ونحن نلبس النعال شتاء وصيفا وهم ياخذون علبة سكائر كاملة ( اشنو) بينما نحن المستقلين نعطى ثلاثة سكائر باليوم فقط .
والى حلقة قادمة ، و استودعكم الله
حربي موسى حسين - 31-1-2013
------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزء الثاني
2
وبعد مضي فترة من الزمن اجريت لنا غربلة ودراسة تقيييمية لمعرفة الثابت فينا على سلوكه المعتدل كسجين حرب ممن لا يفيد الادارة ايرانية بشئ كنقل المعلومات الاستخباراتية عن الاسرى وتحركاتهم وعلاقاتهم واحاديثهم الى جانب رفضهم قبول المسؤليات الادارية في المعسكر التي في ظاهرها الخارجي الخدمة ونيل الثواب وفي باطنها ايجاد جو مناسب للاتصال بالادارة الايرانية
وايصال التقارير الامنية المكتوبة او الشفهية ..، الغاية منها العمل على تقويض وهدم ذلك الموقف الذي يراه الايرانيون سلبيا لا يشجع على انخراطهم جميعا بالنشاطات الايديولوجية وبالتالي الى فيلق بدر..
كنت واحدا من الاحبة الذين كانوا عقلاء ورصينين ومستقلين .. اتطلع الى قضاء سنين الاسر
دونما ان اؤذي اسيرا واحدا او ان اساوم على القيم الوطنية التي اؤمن بها فاعود ان شاء ربي الى وطني ولو بعد سنين او اموت في سجني مرتاح الوجدان والضمير.
كان هناك فريق من المعممين بعنوان ( داعية او محاضر ) يزور المعسكر لالقاء المحاضرات
الدينية والسياسية التي لا تحتمل النقاش من المعارضين والمخالفين وان تجرأ احد على الكلام كما فعلت انا ، يسجل اسمه و له العقوبات الجاهزة فيزج به بالانفرادي والضرب باليد والرفس والركل والسياط والجلد والهرولة الاجبارية وما شابه ذلك. وينفذ هذه العقوبات جندي ايراني برتبة نائب عريف نسيت اسمه الان وكان معوقا عقليا ويتطاير اللعاب من فمه .. قبيح للغاية .. مثله مثل عريف روحي الذي كان بدرجة عريف في معسكر مخصوص الصحراويى والذي كان قاتلا مجرما قتل اسيرا امام مشهد الاسرى كان يجره بحبل سميك عل الارض الجرداء المغطاة بالحصى والتراب والرمل الى ان فارق الحياة وهو عارٍ تماما من اي لباس !!!!
وكان يخيفنا بقتله ويقول انتم مثل هذا قيمتكم كقيمة الحصى هذا !!!!!
سياتي الحديث فيما بعد عن معسكر مخصوص الصحراوي
ولنعد الى معسكر اللاجئين في الداودية ...
كانت الاستدعاءات مستمرة للاسرى والتحقيق مع التعذيب مستمر ولا ننام ليلنا او نهارنا
الا والكوابيس والهلع والرعب يكون غذاءنا اليومي .. وقطعت عنا الرسائل التي
تجهزها منظمات الصليب الاحمر الدولية .. فلم تصل من هذا الرسائل الا رسالتين فقط
خلال 15 سنة من السجن .. وانا محظوظ تماما لان اهلي وابنائي عرفوا اني على قيد
الحياة . اما الباقون فمجهولون ولا يعرف بهم احد .. فاضطررنا بعد عودتنا مراجعة
اهاليهم لاخبارهم بالامر بعد فوات الاوان للاسف ... لان معظم زوجات الاسرى تزوجن لحقهن الشرعي بذلك بعد غياب ازواجهن عشرين سنه عنهن دون ان يعرفوا شيئا عنهم !!!!
بعد ان مكثنا في معسكر الداودية اكثر من سنة استطاع الايرانيون ان يعرفوا عنا ما
وصلهم من المندسين في صفوفنا ممن يسمون انفسهم بالتوابين
وكان هؤلاء التوابون متخفين غير ظاهرين لان المعسكر مغلق لغيرهم !!. ، واذكر واحدا من المعممين في معسكر الداودية يكنى ابن بعورة لدى الاسرى .. اشقر اللون شاب في مقتبل عمره يشرف على حفلات الجلد التي كنا نتعرض لها وهو شامت فرح يعلق تعليقات جارحة اكثر الما من الم الضرب وسياط الجلادين ... دون ذنب اقترفناه سوى اننا تصرفنا كاسرى حرب ، ملتزمين بكل الاداب العامة والقيم وبتعليمات المعسكر .. ولكن ذلك كان غير مقبول لديهم فالمهم عندهم ان تضع يدك بيدهم وتسمع منهم ماهو الحلال وما هو الحرام .. وبالتالي تجد نفسك في فيلق بدر لتقاتل من جديد في شمال العراق او تتسلل من الاهوار وتقتل وتدمر وتهدم بحسب الخطة .. لتقع من جديد اسيرا بيد صدام او قتيلا في الحدود !!!!
اما الناحية الصحية هنا فوجدتها جيدة بعض الشئ باشراف اطباء عراقيين اسرى مثلنا ولكنهم يؤدون واجباتهم بمهنية عالية وبشرف رائع ، اذكر منهم الدكتور موسى والدكتور نجم الذي له حكاية طويلة لا ارغب الكلام فيها لانه اجبر وابتز تحت ضغط لا يتحمله احد فاضطر
للحفاظ على نفسه وشرفه ان يكون (توابا ) !!!
شاء القدر ان ننتقل الى معسكر الموت : معسكر اراك مخصص للمتعندين الرافضين ان يرتدوا لباسا جديديا ووجها جديدا مثلما يفعل الكثيرمن ابناء شعبنا طمعا بالدنيا والمكاسب ومقاعد
البرلمان فقررت ان احترم نفسي وابتعد عن الاحزاب السياسية والدينية واذا تكلمت فاكون موضوعيا اينما ارى الحق اذكره واينما اجد الباطل اشير اليه ولا يهمني الناس قاطبة في قول الحق.. ، قال الله عز وجل :
( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) المائدة 105
-
الى اللقاء في الجزء الثالث و استودعكم الله
Harbi Mousa Hussein - حربي موسى حسـين
5-2-2013
--------------------------------------------------
الجزء الثالث : من ذاكرة الاسر
3
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد مضي سنة على وجودنا بهذا المعسكر اجرت الادارة الايرانية غربلة في صفوفنا واعداد قائمة باسماء غير المتعاونين معها ممن اثروا الاستقلال بالموقف والتصرف كاسرى مستقيمون ومسالمين ينتظرون ساعة الخلاص من الاسر فيعود كل واحد منهم الى اهله دونما مسؤليات تطوقة بالمساءلة القانونية والسياسية عما كان يفعله خلال فترة الاسر .
فتم نقلنا الى معسكر الداودية المغلق بهؤلاء المستقلين . كان المعسكر يمارس الضغوط النفسية على الاسرى ويستقدم عدد من المعممين العراقين ممن كان يعيش في ايران قبل وجودنا لالقاء المحاضرات التي تخدم فكرهم السياسي وتوجهاتهم العقائدية والايديولوجية رغم ان الاسرى منحدرين من اصول مختلفة كالشيعة والسنة وغير المسلمين ايضا بنسب قليلة .
كما ان الرسائل كانت محرمة علينا ولا نعرف شيئا عن اهالينا في العراق وماذا حل بهم من بعد اسرنا . ولابد الاشارة الى حقيقة ان المعسكر لا يقتصر على المستقلين والمعاندين بمواقفهم ما قبل الاسر.. بل بين صفوفنا عناصر متعاونة مع الادارة الايرانية وتكتب عنا التقارير السرية لها سواء بحق او باطل لغرض التقرب للادارة والتملق لها واثبات ولاءها او بدافع الايمان بنهجهم وكسب الثواب حسب ظنهم بأيذائنا او تعريضنا للعذاب الاضافي للاسر وهو القائنا بالزنزانات الانفرادية والجلد بالسياط وما شابه ذلك من العقوبات التي يمارسها الجنود الايرانيون بحسب التعليمات او بحسب اهوائهم حينما نكون بين ايديهم !!
وفي هذا المعسكر بقينا اكثر من عام وتم التعرف علينا من خلال التقارير السرية للتوابين واغلب المعلومات فيها كانت مبالغ فيها للتزلف والتقرب للادارة الايرانية فلجات الادارة الايرانية الى نقلنا الى معسكر اراك مخصوص الصحراوي الذي يتميز ببعده عن المدينة اراك وبكثرة الاعاصير الترابية والرملية ( الفتالات) .. !!
------------------
والى الجزء الرابع .... ، نلتقي باذن الله للحديث عن هذا المعسكر
-----------------------------
الجزء الرابع
4
Harbi Mousa Hussein - حربي موسى حسـين
27-02-2013
السلام عليكم ابناء العراق الطيب بكل اديانكم ومذاهبكم وانتماءاتكم القومية
كانت محطتي الاخيره في الاسر معسكر اراك مخصوص .. ... ، وهنا تسكب العبرات !!
انه في موقع ناء وبعيد عن مدينة اراك تكثر فيه الاعاصير او نسميها الفتالات الترابية والرملية .. فحينما ياتي القزان ( القدر الكبير للطعام) لابد ان يخالطه التراب فيزيده قرفا ونفورا من الشهية .. ولكن الجوع دائما سيد الموقف ولا نزاع فيه او عليه فناكل لسد الرمق شئنا ام ابينا !!
يتكون المعسكر من زنزانات بمساحة 4 امتار عرض وخمسة امتار طول .. ارجو ان يعذرني اخوتي الاسرى بهذا المعسكر ان اخطأت ببضعة سنتمرات في القياسات .. وهناك ايضا قاعتين طويلتين قد يصل طولها الى اكثر من عشرين متر بعرض عشرة امتارتقريبا
اكثر او قليل ، لا ادري بدقة سامحوني ..
..
وفيما يخص الزنزانات الصغيرة فتحتوي على اسرة بطوابق ثلاث كل زنزانة تعدادها لا يقل عن 25 اسير. من حسن حظنا انذاك كان معنا اسرى اطباء باطنية ايضا يشرفون علىينا صحيا بامكانات بسيطة للغاية ودواء قليل ... كانوا يؤدون واجباتهم او دعني اسميها مهامهم بشكل مهني وانساني قلما نجده لدى غيرهم في مكان اخر .. .. وقد خصص واحد من هؤلاء لقلع الاسنان عندما يكون مصابا بالعطب لتعذر العلاج ، فيكون القلع هو المطلوب .. وكان نصيبي ان فقدت كل اسناني !! وبعدها امتنعت عن تقديم الابتسامات مع احبتي لئلا ازعجهم هههههههههههه... ، وبعيدا عن المزاح كانت اثار ذلك على معدتي التي تستقبل الطعام دونما هضم جيد ..
وهنا اقول للامانة -لان الله العزيز يحاسبني على كتمان ما هو جيد وايجابي _ ان الادارة الايرانية كانت تبعث بالمرضى - الذين تستوجب علاجاتهم في المستشفيات الايرانية بسيارات نقل سريعة .
وكنت انا ممن رقد بالمستشفيات الايرانيه ثلاث مرات واجريت لي عمليات جراحية لثلاث مرات في سنين متفاوته .. هذه العمليات كانت كبيرة وخطيرة وهي استئصال اكياس مائية من مواقع مختلفة محيطة بالكبد .. واقسم بالله العظيم وجدت في الجراحين والممرضات ارقى معاني الانسانية والاداء الانساني والمهني لخدمتي ..
بل وازيدكم علما ان الامهات الايرانيات اللواتي ياتين الى المستشفى العسكري لزيارة ابناءهن يتوجهون الى غرفة الاسرى بالمستشفى قبل ذهابهن الى ذويهن سواء كانوا ابناءا او ازواجا او اخوة !!!
وارى الدموع تترقرق في عيونهن علينا وعلى غربتنا وعلى آلامنا !!!
بالله عليكم احبتي لو كان هناك اسيرا ايرانيا واحدا في مستشفياتنا فماذا نعامله وكيف نتصرف معه في اجواء التحريض الطائفي والشحن ضد بعضنا بعضا ؟.. اقل ما نقوله او نسمعه من كلام جارح : مجوسي او صفوي او عظمك متروس خرة !!!
دعونا نعود الى الجانب المأسوي الذي كنا نعيشه بهذا المعسكر الدامي : اذكر واحدة من العقوبات التي فرضت على المعسكر بان الزنزانات تم اغلاقها جميعا ولا يسمح لاحد مغادرتها لاي سبب كان .. وقد جلب الايرانيون لنا براميل في داخل الزنزانات نقضي بها حاجاتنا .. اي نتغوط ونتبول فيها لمدة من الزمن .. مما تسبب اصابة عدد كبير من الاسرى بمرض الزحار الاميبي ومات بسبب هذا الوباء المتفشي عدد كبير من
الاسرى الشهداء رحمهم الله
كل ذلك في محاولة يائسة من الادارة الايرانية لتطويعنا الى مشيئتهم وتحويلنا الى ادواة مطيعة بايديهم .. واكثر من ذلك انهم شيدوا زنزانات انفرادية تحت الارض في داخل المعسكر .. كل زنزانه مساحتها متر ونصف بعرض متر وعشرين سنتمتر وارتفاع متر وعشرين سنتمتر مطلية بالسمنت الاسود من الداخل لتبعث الكابة في نفس الاسير ... هذه الزنزانات باختصار تشبه القبر- خصصت لابرز المعاندين ممن له تاثير
على الاسرى ويحظى باحترام الاسرى .. وكان نصيبي ان مكثت سنة كاملة بهذه الزنزانات .
يسمح لنا ثلاث مرات ان نذهب الى التواليت -المراحيض- ناخذ معنا طاسة من الفافون التي ناكل فيها غذاءنا .. وبعض الاحيان نضطر ان نقضي حاجتنا فيها بسبب الضيق!
لقد تعبت الان .. ، احبائي الطيبون .. اسمحوا لي ان اتوقف الان عن االاستطراد واعذروني... على امل ان التقي معكم في حلقة قادمة باذن الله !!!
حربي موسى حســين
Harbi Mousa Hussein
-----------------------------
الحلقة الخامسة
5
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواقف واحداث وقعت في معسكر اراك مخصوص
كان ضابط الامن والاستخبارات الايراني برتبة رائد لا اذكر اسمه ولكني اذكر آمر
المعسكر الذي كان برتبة عقيد واسمه فرج الله برنية .
كان ضابط الاستخبارات يتردد على معسكرنا ويهمه جدا استجواب الاسرى المحبوسين
( ومجموعهم ثلاثين اسيرا) في الزنزانات الانفرادية تحت الارض والتي نطلق على
تسميتها النقرة .. ، يستدعينا واحدا بعد اخر بشكل انفرادي لعله يجد ضعفا في احدنا
ويطمع فيه وياخذن منه ما يريد من معلومات ويوجهه بما ينبغي ان يفعله
بالمعسكر .. ولكن الحمد لله يبدو ان الله عز وجل حفظنا من الضعف وبقينا صامدين
على الاستقلال والابتعاد عن التعاون مع الادارة الايرانية ضد اسرى المعسكر.
وانا لا اعرف طبيعة الاسئلة التي وجهت لاصدقائي المسجونين معي ولكن حينما جاء دوري
استطعت باسلوب ذكي وشفاف ان اجعل الضابط ييأس من الاستمرار معي . ولدى دخولي
عليه وجدت جندي عربستاني للترجمة رغم ان الضابط كان يتكلم ويفهم اللغة العربية
الفصحى . والقيت السلام وباشرته بالكلام وقلت : سيدي هل تسمح لي بكلام
مختصر ونافع ؟ فقال بالتاكيد تفضل .
قلت: هل تعلم ان الاسرى جميعا يحبوك ويحترموك ؟؟ فظهرت على وجهه علائم الفرحة وكانه
استشف من الكلام ان النية متجهة للتعاون معه . فقال وكيف ذلك ؟ لماذا تحبوني؟
قلت له المثل عند العرب يقول شبيه الشئ منجذب اليه كما انهم يقولون : المرء يعرف
من اقرانه . فااراد المترجم ان يترجم ما قلته طلب اليه السكوت لانه فهم ما اقصده ثم طلب الي الاستمرار وقال باي شئ انا اتشابه معكم؟ قلت انت تحب بلدك ايران ونحن نحب بلدنا العراق وكلانا مخلص لبلده .. فهذا التشابه بيننا جعلنا نقدرك ونحترمك ونتوقع من ان تحترمننا بنفس القدر . اليس كذلك ؟
فقال بالفارسي ( بدر سخته) !!!
ولا اكتمكم بان قلبي كان يخفق هلعا من الجلد والتعذيب ولكني كنت افتعل الهدوء
والابتسامة الزائفة بوجهي لئلا اجعله متشنجا متوترا وامنعه بدلوماسية مفتعله ان يتعسف بالعقوبة ان ارادها لي ونحمد الله الكريم أنه لم يعاقب اي واحد فينا في ذلك اليوم .. يوم الاستجواب والتحقيق.
وكعادتي بالاعتذار لكم لغرض التوقف لشرب استكان جاي عراقي رائحته طيبة ونكهته جميلة كنكهتكم الحلوة ، استئذنكم بالتوقف على امل اللقاء بكم في مفارقات اخرى اسردها بطيب
خاطر
حربي موسى حسـين - 24-3-2013
Harbi Mousa Hussein
عودة الى صفحة حربي موسى حسين
-------------------------------------------------------------------
خاص بموقع سنين الضياع
--------------------------------------------------------------------
لأرسال التعقيبات او الاخبار والذكريات
يرجى استعمال الاستمارة في صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى الرئيسية