الشهيد مازن محمد الحســو
استشهد في معركة البسيتين ، في 12-2-1982
يا مازنَ القـلــبِ الحـبيــب تحـيـةً تَـبـقــى على الأيــامِ والأزمــــــانِ
ما غابَ طيفُكَ عن عيون قلوبنـا حيٌّ تعيـــــــشُ بخَـفـقَــةِ الوجـــدانِ
يا حاضِــــــراً بقلوبــنا ونـفـوسِـــــــــــنـا الزَّهـــرةِ الحمـراء في آلأغصـانِ
إفـرَح فإنّـــا صــــــابرونَ تَــجَــلُّـــداً والصـــبرُ بابُ آلنــــورِ للأســـيانِ
من قصيدة للشاعر محمد عبدالله الحســو
-
وداعاً يا مازن
بقلم الدكتور احمد الحســـــو
كانَ محمد الحسو يَعشقُ المُزْنَ ، فاذا ما أمطَرَتِ الدنيا،
حَملَ بَعضَهُ وراحَ يَتنقَّلُ من دَربٍ الى دربْ، مُتَمثلاً هذا
التوَحُّدَ الذي تُعَبِّرُ عنه قطَراتُ المَطرِ بينَ السماءِ والأرض
..
كانت كلمةُ المُزْن لديهِ ذاتَ جَرْسٍ موسيقيِّ ، تَجعلهُ في آتِّساقٍ معَ نفسهِ ،
وفي حالةٍ دائمةٍ من الأنتماءِ إلى الكون
...
وعندما وُلِدَ إبنهُ البِكْر، لم يَتردَّد لحظةً في أن يُسَمِّيَهُ مازن ،
ولم تتردد والدتُه السيدة رافدة الدباغ ، أن يَحملَ المولودُ الجديد هذا الأسمَ الجميل ،
فقد كانت صِنوَ زوجِها في حُبِّ الكونِ والطبيعةِ والمطرْ
...
صار مازن رمزاً للعطاءِ والخير ...
ِوصار توأَمَ أحلامِ أبيه ... صار شِعرَهُ وزهرةَ حياته
..
نَهَجَ الأبنُ نهْجَ أبيهِ فأحبَّ الأدبَ والفنَّ وعَشِقَ الكتاب
ودفعهُ ذلكَ إلى أن يكونَ رفيقاً للمكتباتِ فواصَلَ دراسَتَهُ
وحَصَلَ على الدبلومِ العالي في علومِها لكي يَظلَّ مُقيما في رحابِها
إلاّ أنَّهُ - كأيِّ فتىً في العراق في ثمانينات القرن الماضي -
كان عليه أن يلتحقَ بجبهاتِ القتال
..
كان غَضّاً ، وكانتِ الحربُ ضَروساً
كان رجُلَ محبةٍ وسلام ، وكانتِ الحربُ كهفاً يبتلعُ كلَّ شئ .
أقلقني ذلك وأنا على بُعدِ آلافِ الأميالِ منهُ
إذ كنتُ أُدَرِّسُ آنذاكَ في جامعةِ وهرانَ في آلجزائر
و شعرتُ أنني بحاجةٍ إلى لقاءِ صديقي وآبنِ أخي مازن
عدت الى بغداد وعلى مشارفها التقيت به ...
كانَ شاردَ الذهنِ يُمعنُ النظرَ في المكان
و كانت المدينةُ قد بدأت تودعُ النهار
...
إلتفتَ إليَّ والحُزنُ قد بانَ في عينيهِ وقال:
أنظُر معي إلى بغداد ...
إنني أعشقُها .. إنها جميلةٌ فِعلاً ...
ولكنني سأحْرَمُ منها ... !
أنا الآنَ ألقي عليها تحيةَ الوَداع ...
أعلمُ أنني لن ألتقيَ بِها مرَّةً أخرى
إنَّهُ شُعورٌ في داخلي ، عميقٌ أحِسُّ بهِ
...
ودَّعتُهُ في آلليلةِ ذاتِها
وحَرِصتُ أن أرافِقَهُ إلى آخرِ نقطةٍ عسكريةٍ أستطيعُ الوصولَ إليها ...
في الليلةِ التاليةِ وفي منتصفها ، كانَ مازن قد آستُشهِد! ...
حاولَ إنقاذَ مُصابٍ لم يستطعْ زملاؤُه الوصولَ إليه
حَملهُ على كتفيهِ ، مسرعاً إلى أقربِ نقطةِ إسعاف
لكن قنّاصاً ظالماً أصابهُ
توقَّفَ المُـزْن وعاشَ المُصابْ ...
حياةٌ وشهادةٌ في آنٍ واحد ...
إستشهدَ مازن ...
غدا جَوفُ أمِّهِ فارِغاً ...
وغدا عاشقُ المُزْنْ والدُهُ ، مُوَلَّهَ حُزْن ...
قلبانِ ينتظرانِ لحظةَ الرحيلْ
لِيلتقيَ الأحباءُ في رِحابِ ربٍّ عظيم
لم تَعُدِ المَطرُ مَطراً ...
أصبحَ المُزْنُ حُزناً ...
وكانَ هذا المُنْهَمَرُ منَ القصيدِ الحزينِ الذي ظَلَّ الشاعرُ ينبضُ بهِ
حتّى آخرَ لحظةٍ من حَياته
وداعاً لمازن الذي أرى فيه كلَّ شهيد
ووداعا لأبويهِ آللذَينِ أرى فيهما مثلاً أعلى لكلِّ الصابرين
أحمد عبدالله الحســو
20-04-2012
لأبداء آرائكم او التعقيب على الموضوع ، يرجى زيارة صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى صفحة خواطر واشـجان
استشهد في معركة البسيتين ، في 12-2-1982
يا مازنَ القـلــبِ الحـبيــب تحـيـةً تَـبـقــى على الأيــامِ والأزمــــــانِ
ما غابَ طيفُكَ عن عيون قلوبنـا حيٌّ تعيـــــــشُ بخَـفـقَــةِ الوجـــدانِ
يا حاضِــــــراً بقلوبــنا ونـفـوسِـــــــــــنـا الزَّهـــرةِ الحمـراء في آلأغصـانِ
إفـرَح فإنّـــا صــــــابرونَ تَــجَــلُّـــداً والصـــبرُ بابُ آلنــــورِ للأســـيانِ
من قصيدة للشاعر محمد عبدالله الحســو
-
وداعاً يا مازن
بقلم الدكتور احمد الحســـــو
كانَ محمد الحسو يَعشقُ المُزْنَ ، فاذا ما أمطَرَتِ الدنيا،
حَملَ بَعضَهُ وراحَ يَتنقَّلُ من دَربٍ الى دربْ، مُتَمثلاً هذا
التوَحُّدَ الذي تُعَبِّرُ عنه قطَراتُ المَطرِ بينَ السماءِ والأرض
..
كانت كلمةُ المُزْن لديهِ ذاتَ جَرْسٍ موسيقيِّ ، تَجعلهُ في آتِّساقٍ معَ نفسهِ ،
وفي حالةٍ دائمةٍ من الأنتماءِ إلى الكون
...
وعندما وُلِدَ إبنهُ البِكْر، لم يَتردَّد لحظةً في أن يُسَمِّيَهُ مازن ،
ولم تتردد والدتُه السيدة رافدة الدباغ ، أن يَحملَ المولودُ الجديد هذا الأسمَ الجميل ،
فقد كانت صِنوَ زوجِها في حُبِّ الكونِ والطبيعةِ والمطرْ
...
صار مازن رمزاً للعطاءِ والخير ...
ِوصار توأَمَ أحلامِ أبيه ... صار شِعرَهُ وزهرةَ حياته
..
نَهَجَ الأبنُ نهْجَ أبيهِ فأحبَّ الأدبَ والفنَّ وعَشِقَ الكتاب
ودفعهُ ذلكَ إلى أن يكونَ رفيقاً للمكتباتِ فواصَلَ دراسَتَهُ
وحَصَلَ على الدبلومِ العالي في علومِها لكي يَظلَّ مُقيما في رحابِها
إلاّ أنَّهُ - كأيِّ فتىً في العراق في ثمانينات القرن الماضي -
كان عليه أن يلتحقَ بجبهاتِ القتال
..
كان غَضّاً ، وكانتِ الحربُ ضَروساً
كان رجُلَ محبةٍ وسلام ، وكانتِ الحربُ كهفاً يبتلعُ كلَّ شئ .
أقلقني ذلك وأنا على بُعدِ آلافِ الأميالِ منهُ
إذ كنتُ أُدَرِّسُ آنذاكَ في جامعةِ وهرانَ في آلجزائر
و شعرتُ أنني بحاجةٍ إلى لقاءِ صديقي وآبنِ أخي مازن
عدت الى بغداد وعلى مشارفها التقيت به ...
كانَ شاردَ الذهنِ يُمعنُ النظرَ في المكان
و كانت المدينةُ قد بدأت تودعُ النهار
...
إلتفتَ إليَّ والحُزنُ قد بانَ في عينيهِ وقال:
أنظُر معي إلى بغداد ...
إنني أعشقُها .. إنها جميلةٌ فِعلاً ...
ولكنني سأحْرَمُ منها ... !
أنا الآنَ ألقي عليها تحيةَ الوَداع ...
أعلمُ أنني لن ألتقيَ بِها مرَّةً أخرى
إنَّهُ شُعورٌ في داخلي ، عميقٌ أحِسُّ بهِ
...
ودَّعتُهُ في آلليلةِ ذاتِها
وحَرِصتُ أن أرافِقَهُ إلى آخرِ نقطةٍ عسكريةٍ أستطيعُ الوصولَ إليها ...
في الليلةِ التاليةِ وفي منتصفها ، كانَ مازن قد آستُشهِد! ...
حاولَ إنقاذَ مُصابٍ لم يستطعْ زملاؤُه الوصولَ إليه
حَملهُ على كتفيهِ ، مسرعاً إلى أقربِ نقطةِ إسعاف
لكن قنّاصاً ظالماً أصابهُ
توقَّفَ المُـزْن وعاشَ المُصابْ ...
حياةٌ وشهادةٌ في آنٍ واحد ...
إستشهدَ مازن ...
غدا جَوفُ أمِّهِ فارِغاً ...
وغدا عاشقُ المُزْنْ والدُهُ ، مُوَلَّهَ حُزْن ...
قلبانِ ينتظرانِ لحظةَ الرحيلْ
لِيلتقيَ الأحباءُ في رِحابِ ربٍّ عظيم
لم تَعُدِ المَطرُ مَطراً ...
أصبحَ المُزْنُ حُزناً ...
وكانَ هذا المُنْهَمَرُ منَ القصيدِ الحزينِ الذي ظَلَّ الشاعرُ ينبضُ بهِ
حتّى آخرَ لحظةٍ من حَياته
وداعاً لمازن الذي أرى فيه كلَّ شهيد
ووداعا لأبويهِ آللذَينِ أرى فيهما مثلاً أعلى لكلِّ الصابرين
أحمد عبدالله الحســو
20-04-2012
لأبداء آرائكم او التعقيب على الموضوع ، يرجى زيارة صفحة تعقيبات الزوار
عودة الى صفحة خواطر واشـجان